ماذا سيفعل وزير الرياضة إذا ما رفع لاعبان أو أكثر من منتخب مصر لكرة القدم أياديهم بإشارة رابعة، هل سيقوم بإلغاء اتحاد الكرة؟
بمعيار الفوز والهزيمة الذى لا تعرف ميادين الرياضة سواه فقد رفع بطلا الكنغ فو اسم مصر وعلمها عاليا ولم ينفصلا فى لحظة واحدة عن الانتماء لهذا الوطن ولم يفعلا ما يلحق خزيا أو عارا ببلديهما.. لم يضبطا فى ملهى ليلى يحتسيان خمرا أو مرتميين بين أحضان الغوانى.
لو أراد اللاعبان إحراج بلديهما لتعمدا الخسارة المهينة المذلة التى تنكس الرءوس وتكسر النفوس ــ ومثال غانا حاضر لن يمحوه التاريخ بسهولة ــ أو لهربا من المنتخب إلى قطر طالبين اللجوء السياسى ــ وما أسهله عند القطريين من طلب ــ ولمنحا الجنسية القطرية.. وساعتها سيرفعون إشارة رابعة فى كل محفل رياضى دولى متلفحين بأعلام قطر بغير نكير.
وتأمل معى تفاصيل الخبر الصاعق الذى لا يقل خطورة عن تفكير الوزير العبقرى بإلغاء اتحاد الكنغ فو نفسه: «يذكر أن شريف مصطفى، رئيس اتحاد الكونغ فو، كان قد أكد لأبوزيد، وزير الرياضة، عدم اختيار أى لاعب ينتمى لأى فصيل سياسى، أو ينتمى لجماعة الإخوان المحظورة فى الفترة المقبلة، ولكنه لم ينفذ وعده وتم اختيار لاعبين ينتمون لجماعة الإخوان».. إذا ما أصبح مجرد الانتماء لفصيل سياسى مسوغا فى مصر ٣٠ يونيو للإقصاء من الحياة الاجتماعية ــ وربما بعد ذلك من الحياة نفسها فعبث إذن كل الزيارات الخارجية المكثفة التى تحاول بها الدولة استعادة توازننا إقليميا وعالميا، فيكفى أن يطالع العالم أخبارا كهذه ليفهم وحده دون حاجة للشرح!
ولولا أن الفاشية مرض يعيق صاحبه عن التفكير السليم، ويدفعه إلى التشنج أمام أى موقف يخالفه الرأى، لولا ذلك لأدرك بعض الفاشيين أن رفع علامة رابعة من رياضى ينتمى إلى إحدى وزارات السلطة المؤقتة ــ أى يعترف ضمنيا باستحقاقات الوضع الحالى ــ لا يضرهم كثيرا بل على العكس يظهرهم بمظهر الحريصين على الديمقراطية وتنوع الآراء مادامت لم تجاوزها إلى انتهاج العنف والتخريب.. كل ما هنالك أن اللاعب الذى رفع اسم بلاده عاليا له موقف إنسانى يعترض به ــ وهذا حقه بلا شك ــ على الدماء التى سالت أنهارا عقب فض اعتصام رابعة.
وتذكر أنك أنت من أدخل السياسة إلى حلبات السباق الرياضى لما قلت من قبل إن فوز المصريين على غانا سيكون انتصارا بطعم سياسى.. ثم لما كانت الطامة لم يحاسبك أحد على سمعة وكرامة المصريين المهدرة، ولم تقل وقتها إنك بصدد حل اتحاد الكرة الذى ينفق على مدير المنتخب وعلى تجهيز اللاعبين مئات الألوف من الجنيهات شهريا من أقوات المصريين.
ولنجنح بخيالنا بعض الشىء ونسأل: هل يجرؤ طاهر أبوزيد على إيقاف لاعب يرتدى تحت قميصه تى شيرت عليه صورة السيسى مثلا؟ أو يجسر على إيقاف لاعب يشير بالتحية العسكرية على سبيل إظهار تأييد لترشح الفريق؟