كيف يمكن إشراك الرجل في جهود تمكين المرأة؟ - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الأحد 15 ديسمبر 2024 4:57 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كيف يمكن إشراك الرجل في جهود تمكين المرأة؟

نشر فى : الأحد 9 يوليه 2023 - 8:00 م | آخر تحديث : الأحد 9 يوليه 2023 - 8:00 م
ما زالت المرأة فى الشرق الأوسط تعانى من التمييز والعنف، ويبدو أن الطريق أمامها طويل مادامت الإرادة السياسية وعمليات تشريع قوانين وضعية تسير بخطوات متكاسلة. فى ضوء ذلك، نشر موقع Eurasia Review مقالا للكاتبة أوليفيا أغدمى، تؤكد فيه أنه بالرغم من إرساء مبدأ المساواة بين الجنسين فى دساتير المنطقة، واتخاذ بعض القرارات السياسية المنصفة للمرأة مؤخرا، إلا أن جوهر المشكلة ما زال موجودا، وهو ترسخ فكرة الذكورية فى العقل الجمعى لشعوب المنطقة، مما دفع بكاتبة المقال إلى طرح بعض المقترحات لمواجهة هذا الوضع... نعرض من المقال ما يلى:
قضية عدم المساواة بين الجنسين فى منطقتنا مطروحة بشكل كبير فى الخطابات العامة بل وتسبب مشاحنات حادة، إذ ينظر إلى المرأة على أنها أدنى من الرجل وتابع له، وهذا يجعلها تجد صعوبة فى مواجهة الوضع الراهن بسبب التقاليد والأعراف، كما تجد صعوبة فى أن تكون طموحة. وإذا نظرنا إلى درجة تمكين المرأة فى المجتمع، سنجد الصورة غير مشرّفة ومخجلة، فسلطتها محدودة وتدور حول العمل من خلال الرجل، وهذا بدوره يحافظ على ويديم الأعراف الأبوية التى يتمتع بها الرجال مثل التحكم والاستعلاء.
وبالرغم من إرساء الدساتير العربية لمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، مما يعطى اعترافا قانونيا بالجهود المبذولة لمكافحة المعايير الجنسانية والصور النمطية السلبية وعدم المساواة، إلا أن جذر المشكلة لا يزال قائما وهو الأبوية المجتمعية والذكورة التقليدية، متمثلة إلى حد كبير فى أفعال الرجال. وهنا نطرح السؤال الآتى: كيف يمكن إشراك الرجال فى جهود تفكيك الوضع الراهن، وجعلهم أسوياء مؤمنين بمبدأ المساواة؟
الإجابة: المزيد من ورش العمل ولكن مع الرجال، تستهدف تمكين الذكور! وفى حين أنه من المربك أن يكون لهذا أى دور فى تعزيز تمكين المرأة، إلا أنه لا يمكن تجاهل جهود الذكور أو عدم أخذها فى الاعتبار فى محاولة تفكيك عدم المساواة بين الجنسين والوضع الراهن فى المنطقة. هذا طبعا، جنبا إلى جنب مع الجهود المستمرة للدساتير والإرادة السياسية للأنظمة الحاكمة، وكذلك ورش عمل للمرأة، إذ يمكن أن تتحقق بهذه الطريقة المعادلة الرئيسية للوصول إلى المساواة بين الجنسين والتمكين.
تعتبر ورش العمل للفتيان والرجال ضرورة، لتعليمهم أن قيمتهم غير محصورة بقدراتهم المالية أو الخضوع لبعض التوقعات الذكورية (اكتساب قيمة أنفسهم من ممارستهم التحكم والسيطرة على آخرين لاسيما المرأة)، وهذه قيمة وهمية لأنها غير نابعة من ذواتهم، لذا يجب أن يجدوا قيمتهم الذاتية بشكل مستقل عما تعلموه أو يُتوقع منهم اتباعه. يمكن مساعدتهم على مواجهة تحدياتهم «بشكل مباشر» بدلا من تغذية الذكورة الضارة بداخلهم. بعبارة أوضح، غالبا ما يُنظر إلى الرجال فى الشرق الأوسط على أنهم المعيل الأساسى، هذه التركيبة الاجتماعية، من بين أمور أخرى، تفرض الضغط ومعايير ذكورية للغاية ومهيمنة ومهينة ضد المرأة. وإذا لم يكن هناك جهد لكسر هذه الصور النمطية التى طالما كان المجتمع متمسكا بها، فسيستمر الوضع الراهن.
إن تحدى الرجال للتفكير بما يتجاوز هذه الصور النمطية والمعتقدات عن أنفسهم من خلال ورش عمل هو الأداة لتحقيق تمكين المرأة. كما يمكن أن يتم تشجيع الذكور على الدخول فى الأدوار «الأنثوية» والتعرف على أهمية رعاية الأطفال والأعمال المنزلية وغيرهما. وبالتالى يمكن للمرأة أن تنتهز هذه الفرصة لمتابعة تعليمها أو العمل خارج الأدوار التقليدية التى فرضها عليها المجتمع.
يمكن رؤية الدليل على أهمية هذه الجهود فى دراسة أجريت بالهند من خلال برنامج ممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. الهند لديها رؤية مماثلة حول أدوار الجنسين كالتى فى الشرق الأوسط، وخاصة الذكورية التى تولد السلوك المسيطر والعنيف تجاه المرأة. ركز البرنامج على عكس الأدوار المفروضة بناء على نوع اجتماعى معين من خلال تمكين الذكورــ كما ذكرنا أعلاه ــ وأنشطة التفكير النقدى. عندما تم إجراء هذه التمارين مع الشباب، كان هناك قدر أقل من العدوانية والإساءة العاطفية واللفظية تجاه المرأة، كما لوحظ زيادة المواقف الإيجابية تجاه المرأة والالتزام بالتدخل لمنع الاعتداء الجسدى تجاهها. يمكن أن تُعزى هذه النتائج الإيجابية إلى جهود تمكين الرجال من النظر فى هويتهم الذاتية وانعكاسها خارج نطاق توقعات النظام الأبوى.
إذن، وإجمالا، تمكين الرجال يساعد فى زيادة مساهمتهم فى أعمال الرعاية والمنزل ومن ثم تحقيق التوازن بين المرأة والرجل داخل هذا الإطار. ودعونا نتذكر دائما أن مواجهة الذكورة هى جزء لا يتجزأ من مواجهة التمييز ضد المرأة، وعنصر حاسم فى مسألة المساواة بين الجنسين.

ترجمة وتحرير: ياسمين عبداللطيف زرد

النص الأصلي

التعليقات