فى قلوب الغرف - خولة مطر - بوابة الشروق
الإثنين 23 ديسمبر 2024 4:25 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى قلوب الغرف

نشر فى : الثلاثاء 9 أغسطس 2011 - 8:54 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 9 أغسطس 2011 - 8:55 ص

 خرجت وأوصدت الباب خلفها..

هناك كانوا فى علبة الذكريات.. ستة من الصديقات تحتضنهن غرف فى قلوب منازل صديقاتهن.. هن ناهد وعائشة ومى وحصة ومنيرة.. حكايات تتعرج بين السياسة والدين والمرأة والصداقة وتحليل مجتمعات الخليج ما بعد النفط وقبله.. شىء ما كان يجمعهن بتلاصق نادر رغم الاختلاف فى الخلفيات والتجارب والافكار والمعتقدات وحتى الاديان.. فى قلوب الغرف لا مساحة للاختلافات المناطقية فبيروت وصيدا لبنان كانتا حاضرتين كما حيفا فلسطين ومحرق البحرين وفريق الفاضل والمخارقة فى البحرين ايضا.. لم تتسع تلك الغرف الا لهن بفضاءاتهن الواسعة.. عند الابواب تقف كل التناقضات العربية فى المجتمع فهى الاخرى لا مكان لها فى قلوب الغرف الموصدة الا بمساحات واسعات من الحريات كل الحريات دون تمييز ولا تفرقة..


هنا نساء أتين من مدن بعيدة وتفريقات طائفية ودينية وطبقية.. كان لقاؤهن تجسيدا لأمر خارق الجمال فى الرقة والتعايش بل والمعرفة النادرة والرغبة الدائمة فى احترام الاختلاف مهما كانت مساحاته.. وكانت ناهد تقف بين الكل عندما تعجز التحاليل والتبريرات والتفسيرات لما يحدث فى عالم عربى كثر جنونه وتفرقته، كانت تعمل العقل المحلل للنفس البشرية بتعرجاتها وتعقيداتها فيما تعود مى بنا للتاريخ تنفض عنه غبار الايام من كتب تكدست على ارفف جدران غرفها المطرزة بفلسطين فى كل ركن وزاوية.. هنا تسكن يافا حيث ملح البحر كما هى فلسطين ملح الموائد!! وهناك القدس وقبة الصخرة تجاور كنيسة القيامة.. هى المسيحية المتعمقة فى التاريخ الاسلامى والعاشقة لصوت الأذان الصادح فى صباحات المدن المعتمة بالجهل.. يبقى الاختلاف الوحيد بين النساء الحالمات هو فى تسابق كل واحدة لمسح دمعة الاخرى كلما سرق احدهم او بعضهم بعض الاحلام البسيطة فى زمن وأد الحلم المتواضع فى مهده!

كلما أوصدت الابواب فتحت هيا بابا جديدا.. كانت هى الاكثر تفاؤلا وقدرة على الفهم ولذلك تجد المبرر لكل امر مهما كان مستعصيا. فلو قدر لتلك الجدران فى المدن الصامتة ان تنطق لحكت حتى صياح الديك. لا حجاب بين العقل والفهم والتفسير والمعرفة لديها بل لا احجبة فى قواميس ساعاتها، هى تتقن فن التحليق فى الفضاءات المشرقة، هى التى لا تنبهر الا بعقل يتنافس معها فى الحوار والمعرفة، تكره كل ما يعزل عنها وما يمنع من طرح السؤال الحائر!! يشرق وجهها عندما تصلها معلومة جديدة او جزء من معرفة او حتى خبر لم تسمع به ولم تقرؤه.. هى التى تعشق القراءة والمعرفة كانت الاكثر معرفة بمرضها وتفاصيل ما يحدث لجسدها المتعب حتى ربما أكثر من اطبائها!

فى قلوب الغرف تلك اجتمعت الشلة لسنوات يوما بعد آخر تنتزعنا الاوقات والمناسبات للقاء.. ست نساء حالمات.. ها هى الاولى بينكن خرجت واوصدت الباب خلفها..

يقول مولانا جلال الدين الرومى

«حين أناديك يا أنت!

فندائى بينى وبينك حجاب»

خولة مطر  كاتبة صحفية من البحرين
التعليقات