كتب سيناتور بيرنى ساندرز مقالا نشر على موقع «Reader Supported News» الاخبارى، تناول فيه قضية التفاوت فى الدخل فى الولايات المتحدة، ورد فى المقال: بوصفى عضوا فى لجنة الميزانية بمجلس الشيوخ الأمريكى، فأنا أدرك جيدا أن ارتفاع الدين القومى إلى 17 تريليون دولار والعجز إلى 700 مليار دولار، من المشكلات الخطيرة التى ينبغى معالجتها.
لكننى أدرك أيضا أن نسبة البطالة الحقيقية تقترب من 14 فى المائة، وأن عشرات الملايين من الأمريكيين يعملون بأجور متدنية على نحو مرعب، وأن الأمريكيين الذين يعيشون الآن فى فقر يزيدون على أى وقت مضى، وأن الثروة والتفاوت فى الدخل فى الولايات المتحدة أكبر الآن عنه فى أى دولة كبرى أخرى ــ مع تزايد اتساع الفجوة بين الأغنياء جدا وغيرهم.
ويضيف الكاتب، عندما نتحدث عن الموازنة القومية، فإنه من الأهمية بمكان أن نتذكر كيف وصلنا إلى هذه الأزمة المالية فى المقام الأول، ومن الذى كان مسئولا عن ذلك. علينا ألا ننسى أبدا أنه عندما غادر بيل كلينتون البيت الابيض فى يناير من عام 2001، كان لدى الولايات المتحدة فائض فى الميزانية من 236 مليار دولار. خلال ذلك الوقت، وتوقع مكتب الميزانية فى الكونجرس أن يصل فائض الميزانية خلال عشر سنوات إلى 5.6 تريليون دولار، وهو ما يكفى لمحو الدين العام بأكمله بحلول نهاية عام 2011.
ويتساءل ساندرز، كيف انتقلنا، فى سنوات قليلة، من فائض موازنة كبير إلى ديون رهيبة؟ ليس الجواب بهذا التعقيد. ففى عهد الرئيس بوش ذهبنا إلى حروب فى أفغانستان والعراق ــ ولم ندفع ثمنها، وإنما وضعناه فقط على بطاقة الائتمان. وتقدر تكلفة هذه الحروب بما يتراوح بين أربعة تريليونات دولار إلى ستة مليارات. فضلا عن أن بوش والكونجرس قاما بتمرير برنامج باهظ التكلفة لمكافحة المخدرات. كما أنهما خفضا الإيرادات من خلال منح إعفاءات ضريبية ضخمة إلى الشركات الغنية والكبيرة. وفوق كل ذلك، أدى انهيار وول ستريت وما تلاه من ركود إلى خفض كبير فى الإيرادات الضريبية وزيادة الإنفاق على تعويضات البطالة وكوبونات الغذاء، مما أدى إلى تفاقم حالة العجز.
ويرى ساندرز أنه من المثير للاهتمام، أن من يسمون «صقور العجز» صوتوا لكل تلك التدابير التى زادت من العجز. وهؤلاء هم نفس الناس الذين يريدون الآن تفكيك تقريبا كل برنامج اجتماعى يهدف إلى حماية الأسر العاملة والمسنين والأطفال والمرضى والفقراء. وبعبارة أخرى، فإنه لا بأس أن تنفق تريليونات على حرب لم يكن ينبغى أبدا أن نخوضها، وتخصيص ميزانيات كبيرة للدفاع، وتقديم إعفاءات ضريبية ضخمة للمليارديرات والشركات متعددة الجنسيات. ولكن غير مقبول أن نحاول حماية الأشخاص الأكثر ضعفا فى بلادنا، فى أوقات اقتصادية صعبة للغاية.
فإلى أين نتجه؟ وكيف يمكننا الآن صياغة الميزانية الاتحادية التى تخلق فرص العمل، وتجعل بلدنا أكثر إنتاجية، ويحمى الأسر العاملة ويخفض العجز؟
كبداية، علينا أن نفهم أنه، من منظور أخلاقى واقتصادى على حد سواء، لا يمكن فرض مزيد من التقشف على الناس الذين يعانون بالفعل فى بلادنا. وهذا الآن وقت الأثرياء والشركات متعددة الجنسيات التى تبلى بلاء حسنا هائلا لمساعدتنا فى إعادة بناء أمريكا وخفض العجز.
فعندما يمتلك أغنى واحد فى المائة من السكان 38 فى المائة من الثروة المالية الأمريكية، فى حين أن أقل 60 فى المائة دخلا لا يمتلكون سوى 2.3 فى المائة ــ لا يمكننا تحقيق التوازن فى الميزانية على حساب من لا يملكون شيئا تقريبا. وعندما يذهب 95 فى المائة من إجمالى الدخول الجديدة من عام 2009 حتى عام 2012 إلى أغنى واحد فى المائة من السكان، فى حين شهد عشرات الملايين من العمال الأمريكيين انخفاضا فى دخولهم، لا ينبغى تخفيض البرامج التى يعتمد عليها هؤلاء العمال.
بدلا من الحديث عن تخفيضات فى الضمان الاجتماعى، والرعاية الطبية والمعونة الطبية، يجب علينا وضع حد لعبثية ربع الشركات الأمريكية لا تدفع شيئا فى ضرائب الدخل الاتحادية. وفى الوقت الذى يتفادى فيه الشركات متعددة الجنسيات والأثرياء تسديد ضرائب تزيد على من مائة مليار دولار سنويا، بإخفاء المال فى الملاذات الضريبية مثل جزر كايمان وبرمودا، علينا أن نجعلهم يدفعون الضرائب، فقط مثلهم مثل الأمريكيين من أبناء الطبقة المتوسطة. وحقيقة الأمر وفقا لأحدث المعلومات المتاحة، تدفع الشركات المربحة 13 فى المائة من دخلها فى الضرائب الاتحادية التى اقتربت من أدنى مستوياتها خلال 40 عاما.
وبينما نجحنا فى يناير 2013، فى وقف الاعفاءات الضريبية التى منحها بوش لأغنى واحد فى المائة من السكان، فقد استمرت فى الحقيقة لأغنى اثنين فى المائة، وهى الأسر التى تكسب بين 250 ألف دولار و450 ألف دولار سنويا. ويجب أن ينتهى ذلك.
وفى حين ننفق الآن ما يقرب من انفاق بقية دول العالم مجتمعة على الدفاع، نستطيع تحمل تخفيضات معقولة فى قواتنا العسكرية دون المساس بقدراتنا العسكرية.
ويرى الكاتب أن الوقت قد حان كى يبدأ الكونجرس الاستماع إلى الناس العاديين. مؤخرا، وتلقى الحزب الجمهورى درسا قاسيا عندما قال الشعب الأمريكى بصوت عال واضح أنه كان من الخطأ اغلاق الحكومة، وعدم دفع الفواتير لأن بعض أعضاء الجناح اليمينى المتطرف فى الكونجرس لا يحبون قانون الرعاية الصحية بتكاليف معقولة.
يشير الكاتب إلى درس آخر سيكون على الجمهوريين استيعابه. فقد أوضحت الاستطلاعات المتتالية أن الشعب الأمريكى بأغلبية ساحقة لا يريد تخفيض الضمان الاجتماعى والرعاية الطبية والمعونة الطبية. وفى الواقع، وفقا لاستطلاع أجرته مجلة ناشونال جورنال مؤخرا، يرفض على الإطلاق 81 فى المائة من الشعب الأمريكى خفض الرعاية الصحية؛ ويرفض على الإطلاق 76 فى المائة من الشعب الأمريكى تخفيض الضمان الاجتماعي؛ كما يرفض تماما 60 فى المائة من الشعب الأمركى تخفيض المعونة الطبية. وفى الوقت نفسه، أوضحت استطلاعات أخرى أنه فى الوقت الذى يتزايد فيه التفاوت فى الدخل والثروة، يعتقد الأمريكيون أن أغنى مواطنينا والشركات الكبرى يجب أن يدفعوا نصيبهم العادل فى الضرائب.
وفى ختام المقال يوصى الكاتب بإعداد ميزانية اتحادية أخلاقية وجيدة من الناحية الاقتصادية. فقد حان الوقت لطرح الميزانية التى تستثمر فى مستقبلنا من خلال خلق وظائف إعادة بناء البنية التحتية المتهالكة لدينا، وتحسين وزيادة الفرص التعليمية. حان الوقت بالنسبة لأولئك الذين يمتلكون الكثير كى يقدمون يد المساعدة فى تخفيض العجز. حان الوقت لكى نستمع إلى ما يريده الشعب الأمريكى، وليس الاستجابة فقط إلى فئة المليارديرات والمساهمين الكبار فى الحملات.