ومضى اليوم الكبير الذى انتظره العالم وأتى إلى حكم الولايات المتحدة الأمريكية من جديد الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، لتزيد التكهنات حول سياسته فى هذه الفترة الرئاسية الجديدة. وعندما نتكلم عن ولاية ترامب الجديدة يجب أن نضع عدة اعتبارات فى الحسبان، الأول أن الرئيس ترامب لا يصبو إلى فترة رئاسية جديدة عام 2029 لأن القانون الأمريكى يمنعه من ذلك، وهذا يعنى أن ضغوطات كثيرة قد سقطت عن كاهله أولها ضغوطات اللوبى الصهيونى ومعها إسرائيل، ثانيا أن الساحة الجيوبوليتكيا عالميا تغیرت منذ تركه الولاية الأولى ٢٠٢٠ حيث دخلت مستجدات لم تكن موجودة فى فترته الأولى منها على سبيل المثال الحرب الأوكرانية – الروسية ثم حروب الشرق الأوسط (غزه – لبنان – سوريا – اليمن – إيران - وهى حرب معلقة) وغيرها، ثالثا: تغيير البوصلة البوتينية نحو ترامب الصديق القديم الذى لم يهنئه على كسبه الانتخابات حتى هذه اللحظة - ربما هى إحدى تحركات الشطرنج التى يجيدها بوتين، رابعا فى فترة بايدن اشتد عود اللوبى IRANDEAL أى جماعات الضغط التى لها مصلحة فى إتمام اتفاقية النووى الإيرانى ورفع العقوبات المفروضة على إيران وفتح حساباتها فى البنوك الأمريكية لما لهم من مكاسب وراء إتمام ذلك - وهذا أيضا موضوع آخر ليس هنا مقامه - فهل ترامب سيساومهم؟ هذا أيضا سؤال مطروح. كل هذه التغيرات تمت فقط فى الأربع سنوات الماضية.
فيما يخص الشرق الأوسط لا يجب أن ننسى أن ترامب فى سنوات ولايته الأولى نقل السفارة الأمريكية إلى القدس واعترف بها عاصمة لإسرائيل، شرع لها ضم هضبة الجولان، سكت على الاستيطان، هو وصهره أصحاب فكرة السلام الإبراهيمى. وهو أول من سحب مساهمة الولايات المتحدة لهيئة الأونروا التابعة للأمم المتحدة والمنوط بها مساعدة الشعب الفلسطينى، وحاليا يتبنى مشروع توسيع قطاع غزة وغيرها من المواقف.
الأولوية لترامب هى المصالح الاقتصادية لأنه أولا وأخيرا تاجر ومن هذه النظرة يتعامل مع الدول العربية خاصة النفطية، كذلك هو أقل ودا مع الدول الأوروبية وحلف الناتو ويرى أنه يجب عليها دفع ثمن الدفاع عنها فلا شىء مجانيا، حيث يری مصالح «أمريكا أولاً» وجعلها«عظيمة مرة أخرى» وهما الشعاران اللذان أطلقهما فى حملته الانتخابية ويحملان كثيرا من أفكاره وأحلامه.
من المتوقع أن يسعى الرئيس المنتخب إلى مزيد من التعاون مع الدول المعتدلة فى المنطقة مثل السعودية ومصر والإمارات وغيرها، وسيبقى السؤال معلقا إلى حين دخوله المكتب البيضاوى، هل سيسفر هذا التعاون على كبح جماح إسرائيل والدخول فى تسويات سياسية ومبادرات وخطط لحل القضية الفلسطينية؟ أم سيركز على الصين وروسيا وستتراجع القضية الفلسطينية والمنطقة بأسرها إلى الوراء؟ أم سيعى أن مصلحة بلاده هى فى استقرار منطقة الشرق الأوسط؟
كل هذه الأسئلة ستجيب عليها الشهور القادمة.