نيفين مسعد.. أكاديمية متعددة الأبعاد - سامح فوزي - بوابة الشروق
السبت 18 أكتوبر 2025 12:58 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

برأيك.. هل تنجح خطة الـ21 بندًا لترامب في إنهاء حرب غزة؟

نيفين مسعد.. أكاديمية متعددة الأبعاد

نشر فى : الثلاثاء 14 أكتوبر 2025 - 7:05 م | آخر تحديث : الثلاثاء 14 أكتوبر 2025 - 7:05 م

فى إحدى قاعات كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة قبل نحو خمسة وثلاثين عامًا، حين كنت طالبًا بقسم علوم سياسية، أطلت علينا أستاذة شابة، حصلت حديثًا على درجة الدكتوراة فى موضوع الأقليات والاستقرار السياسى فى الوطن العربى، هى الدكتورة نيفين مسعد، وقد كان الدكتور مصطفى الفقى أحد أعضاء اللجنة العلمية التى ناقشت رسالتها لنيل درجة الدكتوراة، وقت أن كان يعمل إلى جوار الرئيس الأسبق حسنى مبارك سكرتيرًا للمعلومات، ورغم مهامه الثقيلة فى ذلك الحين ظل متفاعلًا بكثافة مع العالمين الأكاديمى والثقافى. كان موضوع المقرر الذى قامت بتدريسه لنا هو النظم السياسية، امتدادًا لأستاذها وأستاذنا الدكتور على الدين هلال صاحب الإسهام العريض فى هذا الفرع من العلوم السياسية. شخصية لطيفة، منفتحة، لم تختلف ملامحها  -أو مظهرها-  عما هى عليه الآن رغم السنين الطويلة، أستاذة جادة، مثقفة، قارئة فى شتى مجالات المعرفة، تحافظ على التواصل الاجتماعى، ولا تغيب عن وجهها ابتسامتها الحاضرة باستمرار. ليست أستاذة علوم سياسية نمطية، أو تقليدية، أو مكتفية بمدرج الجامعة، بل على العكس، لها حضور فى الحياة العامة فى مجالس قومية، ولجان، وهيئات عديدة، تجمع فيها بين العمل الأكاديمى وبين الأنشطة الثقافية والمجتمعية، وبالإضافة إلى ذلك تكتب بانتظام فى صحيفتى الأهرام والشروق، ونوافذ إعلامية أخرى، وقد اشتقت لنفسها نمطًا فى الكتابة، يجمع بين كتابة التحليلات السياسية، التى تهتم فى جانب منها بالتفاعلات العربية على صفحات الأهرام، والكتابة السردية النقدية فى صحيفة الشروق، وهى بذلك تقدم نموذجًا فى الكتابة القريبة إلى الجمهور العام، بعيدًا عن اللغة الخشنة التى يحتمى خلفها بعض الأكاديميين المتقوقعين على تخصصاتهم، ولا يمتلكون الثقافة الواسعة التى تمكنهم من تطويع اللغة، وحسن توظيفها. ورغم كتابتها السردية البديعة، ليس لها عمل روائى حتى الآن، ويبدو أنها اختارت أن تكون فى موقع القارئ المتذوق، والناقد الأدبى، ولها كتاب سوف يصدر قريبا فى ذلك الاتجاه، حصيلة تفاعل مع الكتابة الأدبية لأجيال من المبدعين خاصة الشباب.

لم يغب عن الدكتورة نيفين مسعد الحس القومى النابض، فى كتاباتها ومحاضراتها، ولم تبرح عنها حيوية الحضور والمشاركة طيلة السنوات الماضية، خاصة بعد ٢٥ يناير ٢٠١١، حيث ظهرت صوتا قويا مدافعا عن الدولة المدنية والمواطنة، وحقوق الإنسان، تتفاعل مع الأجيال الشابة ليس فقط مع نشطاء السياسة أو الباحثين الشباب، بل أيضا الروائيين الشباب، وهم مصدر مهم من مصادر إطلالتها المتجددة، ورغم أن خبرة المرض الذى ألم بها منذ عامين تقريبا غيبتها بضعة أشهر عن النشاط العام، إلا أنها ظلت حاضرة بكتاباتها، بل وجعلت من شجون تلك التجربة القاسية مادة سردية، تتفاعل من خلالها مع الذات، والقارئ، بل والحياة. وقد سعدت بالمشاركة إلى جوارها فى العديد من المؤتمرات والندوات داخل مصر وخارجها، وكان لإسهاماتها دائما تأثير خاص. ولم يحل يوما التزامها بالدفاع عن الدولة الوطنية، ومؤسساتها دون أن يكون لديها خطاب نقدى يصب فى خدمة المشروع الوطنى.

يوم السبت الماضى سعدت بإدارة حوار ثقافى نظمه المجلس القومى لحقوق الإنسان لثلاثة من أعضائه الذين فازوا بجائزة الدولة التقديرية فى العلوم الاجتماعية، كانت الدكتورة نيفين مسعد أحدهم، وإلى جوارها الدكتور أنس جعفر والدكتور محمد سامح عمرو، وكعادتها أطلت بحيوية حول قضايا حقوق الإنسان والثقافة والمواطنة والأدب، ولم يكن غريبًا عليها ذلك التشعب فى مجالات ثقافية متعددة، تبدو منفصلة، لكنها متشابكة، لا يرى علاقات الارتباط بينها سوى أكاديمى مثقف، يشغله الشأن العام مثل الدكتورة نيفين مسعد. تحية لها.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات