الترامبية.. وعصر العلاقات الهمجية! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الثلاثاء 11 مارس 2025 6:49 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

الترامبية.. وعصر العلاقات الهمجية!

نشر فى : الإثنين 10 مارس 2025 - 7:40 م | آخر تحديث : الإثنين 10 مارس 2025 - 7:40 م

 تحدثنا بالأمس عن الجزء الأول مما قاله وزير الخارجية الأسبق السفير نبيل فهمى عن «الترامبية» فى الإفطار الرمضانى الذى أقامه الوزير السابق والسياسى المعروف منير فخرى عبدالنور، وحضره العديد من الوزراء السابقين وكبار المسئولين والشخصيات العامة والإعلاميين.

السؤال الذى ختمت به مقال الأمس، هو: كيف يفترض أن تتعامل مصر والعرب مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب؟

الوزير فهمى قال إنه لا يستبعد أن يمارس ترامب ضغوطًا على كل من مصر والأردن حتى تقبلا باقتراحه الداعى لتهجير الفلسطينيين من غزة، لكنه لا يتوقع بالمرة أن تصل العلاقات بين الطرفين إلى القطيعة لأهمية الدور المصرى والأردنى، ولوجود حدود مشتركة بينهما وبين إسرائيل.

فهمى وصف شخصية ترامب بأنه شخص غاضب ومتنمر، وإذا رضخ له أى طرف مرة، فسوف يتمادى فى تنمره وغضبه ومطالبه. لكن ذلك لا يعنى أن نصطدم به بل لا نستسلم لمطالبه غير المعقولة، مثلما هو الحال فى اقتراح تهجير سكان غزة.

فى تقدير نبيل فهمى فإن القمة العربية الطارئة تأخرت كثيرًا، وبعض صياغات بنودها كانت تحتاج مراجعة، ورغم ذلك فإن البيان الختامى كان جيدًا، فى رفض التهجير والخطة المصرية قدمت بديلًا معقولًا، والأهم أنها ربطت الموضوع بضرورة قيام دولة فلسطينية فى النهاية.

صحيح أن الرد الأمريكى كان متباينًا على الخطة، لكن مبعوث ترامب ستيف ويتكوف وصفها بأنها معدة بحسن نية وتستحق الدراسة.

مرة أخرى: كيف نتعامل مع ترامب؟

يجيب نبيل فهمى بأنه طالما نحن فاعلون، ولدينا أفكار وخطط وبدائل، فسوف يأخذنا ترامب فى الاعتبار والعكس صحيح أى أن القطار لن ينتظرنا.

فهمى اقترح التفكير فى منظمة شرق أوسطية تتعامل مع أى صدامات، وتوفر حلولًا سياسية، وتختص بوضع إطار للأمن الإقليمى.

والمهم من وجهة نظر نبيل فهمى ألا نقع فى الخطأ الذى وقعنا فيه نحن العرب بعد قمة بيروت عام 2002 أى الاستعداد للتطبيع، وعدم التحرك دبلوماسيًا وسياسيًا لتحويل حل الدولتين إلى واقع عملى.

فى توصيفه للوضع العالمى الراهن يرى فهمى أننا انتقلنا من عصر الحوكمة إلى عصر ازدواجية المعايير، وأخيرًا وصلنا إلى عصر العلاقات الهمجية. ترامب قام بكشف المستور، ودون خجل، خصوصًا أنه لم يواجه برد فعل قوى.

والسؤال: هل يعنى ذلك الابتعاد عن أمريكا؟

الإجابة كما يقول فهمى هى لا قاطعة، لكن لا بد أن نتعامل معه بقوة وأن تكون لدينا أوراق، لأنه كما صار معروفًا هو يتعامل فقط مع الفاعلين والمؤثرين.

وعند هذه النقطة قال نبيل فهمى عبارة أراها فى غاية الأهمية، وعلينا تدبرها جميعًا، وهى أن «الاعتماد على أى دولة حتى لو كانت صديقة خطأ وخطيئة»، وهناك عبارة أخرى قريبة منها لوزير الخارجية السابق سامح شكرى، وهى: «علينا ألا نفرط فى الاعتماد على الآخرين فى تحقيق مصالحنا».

المفكر الكبير الدكتور مصطفى الفقى اختلف قليلًا مع توصيف نبيل فهمى لترامب ليس أيديولوجيًا، مضيفًا أن ترامب تعتوره تيارات متداخلة ما بين الأصولية الأمريكية المسيحية الصهيونية وأفكار التاجر والصفقات. الفقى قال أيضًا إن كل الأفكار القديمة تتهاوى، مقابل بزوغ الأصولية الجديدة التى نراها الآن ضد العولمة والقومية، وبالتالى فترامب ليس نبتًا شيطانيًا.

محمود أباظة، رئيس حزب الوفد الأسبق، سأل: «ماذا سيحدث فى غزة خلال الـ18 شهرا الماضية، إذا لم أصرت إسرائيل وأمريكا على عدم إعمار غزة، قهل يتم التهجير؟».

الدكتور والمفكر المعروف محمد كمال، العائد من رحلة مهمة من الولايات المتحدة، قال إن الحزب الجمهورى الذى عرفناه فى الماضى لم يعد موجودًا، وحلت محله «الترامبية»، وترامب صار مرحلة وليس مجرد لحظة، كما اعتقد الديمقراطيون بعد فوز جو بايدن فى انتخابات 2020، وترامب ظاهرة نتيجة تحولات ضخمة فى المجتمع الأمريكى على أكثر من صعيد وصار معبرًا عن كل هؤلاء.

كما يرى أن ترامب من أذكى الشخصيات، فهو فهم التحولات والخريطة الجديدة فى المجتمع الأمريكى وتمكن من التعبير عنها مستغلًا تكنولوجيا الاتصالات ووسائل التواصل الاجتماعى. هو لا يؤمن بنظام ما بعد الحرب العالمية الثانية، ويرى أنه «واقع عليه بالخسارة»، ولذلك لا يؤمن بالمعاهدات والاتفاقيات، ويرى أن أى فكرة تم تطبيقها، ولم تنجح فلا ينبغى العودة إليها. والشىء المؤكد الذى يؤمن به هو أسعار البورصة ومعدلات سعر الفائدة.

الأمسية كانت رائعة بتحليل نبيل فهمى وإدارة عمرو موسى واستضافة منير فخرى عبدالنور ومداخلات متميزة من الحاضرين، وكلهم قامات متميزة.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي