لم يعد فى وسع إسرائيل أن تعتبر نفسها بمنأى عن خطر التطورات الدراماتيكية للحرب السورية، فتصاعد وتيرة المعارك والانعكاسات المحتملة لإمكان انتصار فريق على فريق على الحدود الإسرائيلية ــ السورية، باتت تتطلب منها ردا ناجعا قبل فوات الأوان.
فى رأى أكثر من خبير إسرائيلى فى الشئون الأمنية أن التطورات العسكرية الأخيرة فى سوريا تضع إسرائيل أمام خطرين: قريب ومباشر يتجلى فى انتصار المحور الشيعى الذى تتزعمه إيران ويشمل نظام بشار الأسد و«حزب الله»، وبعيد المدى يشكله انتصار التنظيمات الجهادية السلفية. لكن هؤلاء يرون أن التغيرات التى طرأت حتى الآن على جبهة الجولان جراء تمدد الوجود العسكرى لـ«حزب الله» إلى الهضبة ومحاولاته، بحسب الإسرائيليين، إنشاء قاعدة للعمليات ضد إسرائيل بمساعدة إيران انطلاقا من هناك، والمحاولات التى يبذلها من أجل ربط جبهة الجولان بالجبهة اللبنانية، كل ذلك سيجعل أى انتصار عسكرى للحزب الذى يشارك فى المعارك الدائرة ضد قوات المعارضة فى القسم الجنوبى من هضبة الجولان ذا أهمية كبيرة ستؤثر مباشرة على المواجهة المقبلة مع إسرائيل.
فى ضوء ذلك تعيد إسرائيل ترتيب المخاطر التى تتهددها على حدودها مع سوريا. وهى تعطى الأولوية لخطر وجود عسكرى إيرانى قرب حدودها على غيره. فإذا استطاع محور إيران ــ «حزب الله» ــ قوات الأسد تحقيق انتصارات على محور القنيطرة ــ درعا واستعاد السيطرة الكاملة على هذه المناطق من تنظيمات المعارضة بكل أطيافها. فإن هذا سيعنى بالنسبة إلى إسرائيل وجودا عسكريا إيرانيا قرب حدودها، وقت ينتظر أن تتحول إيران دولة على عتبة النووى إذا أمكن التوصل إلى اتفاق نهائى معها فى يونيو المقبل. كما سيعنى ذلك تمركز «حزب الله» بترسانته الصاروخية فى محاذاة الشريط الحدودى فى الهضبة بحيث يمكن أن تشمل أى مواجهة مستقبلا بين الحزب وإسرائيل جبهتى الجولان والجنوب اللبنانى معا.
كيف تستعد إسرائيل لمواجهة مثل هذه التطورات؟ تشير تقديرات الخبراء الإسرائيليين إلى ان أى تصعيد يبادر إليه «حزب الله» أو إيران ضد إسرائيل سيجرى الرد عليه بطريقتين: ضرب مواقع داخل معاقل الرئيس السورى بشار الأسد، الأمر الذى قد يساهم فى سقوط نظامه؛ والضرب المدمّر للقدرات العسكرية وغير العسكرية لـ«حزب الله» فى لبنان.
هذا لا يعنى أن انتصار قوات المعارضة السورية، ولا سيما التنظيمات الجهادية السلفية، يخدم المصالح الإسرائيلية، لأن ذلك سيؤدى إلى فوضى عارمة على الحدود. من هنا فإن الوضع الأمثل بالنسبة إلى إسرائيل هو استمرار الصراع من دون حسم.
النهار ــ لبنان
رندة حيدر