ما اجتمع مواطنان عربيان هذه الايام الا وكانت الفرقة وتبادل الاتهامات من كل صنف ولون ثالثهما.
الذى يشذ عن هذه القاعدة منتدى الاعلام العربى فى دبى الذى انعقد خلال اليومين الماضيين فى مبنى مركز التجارة العالمى الشهير فى وسط دبى.
المنتدى شارك فيه اكثر من ألفى شخص من اول طلاب كليات الاعلام ونهاية بنجوم المهنة العرب. وكالعادة كانت المشاركة المصرية هى الابرز.
كان هناك ضياء رشوان وياسر رزق وشريف عامر وأيمن الصياد ووائل الابراشى ومعتز الدمرداش ومحمود مسلم وجمال محمد غيطاس ويوسف الحسينى وتامر امين ومحمد عبدالهادى علام ومحمد عبدالمتعال وحسام السكرى وياسر عبدالعزيز وسكينة فؤاد وعادل السنهورى ومحمد فتحى، ومحمد نادر جوهر. كان هناك ايضا الفائزون المصريون فى جائزة الصحافة العربية التى صارت الافضل عربيا، منذ انطلاقها مع المنتدى قبل ١٥ عاما والمحافظة على دورية انعقاده بصورة منتظمة.
فى هذا المنتدى التقى كل العرب من مراكش إلى البحرين كما كانت تقول اغانى زمن العزة القومية فى الخمسينيات من القرن الماضى. تحاوروا وتناقشوا وحاولوا تشخيص واقع الاعلام العربى، وكيف يمكن ان يكون اداة بناء واصلاح لا اداة هدم وتخريب. التقينا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد إلى مكتوم نائب رئيس دولة الامارات ورئيس مجلس الوزراء وحاكم دبى. ويومها قال عقب الجلسة الافتتاحية ان المنتدى صمد فى وجه الخلافات العربية.
عنوان المنتدى هذا العام كان «الاعلام العربى... أبعاد انسانية»، ورغم ان العنوان مفتوح على مجالات واحتمالات كثيرة الا ان المتحدثين سعوا إلى تقديم معالجات مختلفة تساهم فى انارة جانب من الطريق العربى شديد الحلكة والاظلام.
فى الجلسة الافتتاحية تحدثت الاميرة هيا بنت الحسين ابن طلال حرم الشيخ محمد ودعت إلى رفع القيود عن السلطة الرابعة، كما دعت إلى تحسين مرتبات الصحفيين العرب ليواجهوا التحديات الصعبة.
الجانب المضىء فى منتدى هذا العام هو الشكل والاخراج المبهر والخلاق وحسن التنظيم. منى المرى المدير العام للمكتب الاعلامى لحكومة دبى ورئيسة نادى دبى للصحافة تحدثت عن «الممشى الاعلامى» الذى ضم بين جنباته ورش عمل لجهات اعلامية عربية وعالمية مثل رويترز وبلومبيرج وقناة العربية، ومنصات الكترونية مثل تويتر ويوتيوب، وكان هناك ركن السينما التى عرضت مجموعة من الافلام الوثائقية بأحدث تقنيات العرض.
كان هناك ايضا «حديقة التأمل» وهى تتيح لروادها مساحة من الراحة والاسترخاء بعيدا عن الجلسات الرسمية لتجديد النشاط والعودة إليها مرة اخرى.
تحدث فى الجلسة الافتتاحية العامة ناصر جودة وزير الخارجية الاردنى فقال ان مواجهة الظلاميين لا يمكن ان تتحقق الا عبر اعلام عربى مسئول. وفى جلسة عنوانها «الانسانية فى مواجهة الارهاب» قال سلمان الدوسرى رئيس تحرير جريدة الشرق الاوسط ان ٩٠٪ من الارهابيين يتم تجنيدهم عبر وسائل التواصل الاجتماعى، و٨٠٪ من العمليات الارهابية صنع منفذوها موادها المتفجرة عبر الانترنت.
سمير خضر رئيس تحرير الاخبار فى قناة سكاى نيوز عربية قال ان القنوات الاخبارية تأتى فى اخر اهتمامات المواطن العادى، وان هدف هذه القنوات هو سرقة المشاهدين من القنوات الاخرى!!.
فى حين ان عمر سيف غباش سفير الامارات فى موسكو قال انه ينبغى اعطاء الشباب الفرصة لتحديد اولوياتهم بدلا من تحديدها لهم. وفى جلسة بعنوان «ما نوع الاخبار التى نريدها فى المستقبل؟» قال المتحدثون ان الصور والفيديو هى اساس المحتوى المقبول فى المستقبل. وان اللغة العربية صارت بين الخمس لغات الاكثر انتشارا. على تويتر. فى حين قال عثمان العمير رئيس تحرير جريدة ايلاف الالكترونية ان الصحافة الورقية ماتت والمواقع الالكترونية تحتضر.
ما سبق كان حصيلة موجزة لفعاليات اليوم الاول فقط من الملتقى. وان كان من خلاصة خرجت بها ان الواقع العربى مأزوم للغاية والصحافة والاعلام انعكاس لهذا الواقع، ولا امل فى الخروج من ذلك الا بإشاعة ثقافة الحوار وسماع الاخر والتفريق بين الحقائق والخرافات، وانه لا امل فى اعلام فعال من دون عودة للتمسك بأصول المهنة، شرط توافر مناخ يشجع حرية الرأى والتعبير.