البلطجة الشاملة - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:33 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

البلطجة الشاملة

نشر فى : الخميس 11 أغسطس 2011 - 8:15 ص | آخر تحديث : الخميس 11 أغسطس 2011 - 8:15 ص

 يبدو أننا فرغنا من «البلطجة الصغرى» وندخل الان مرحلة «البلطجة الكبرى ».

البلطجة الصغرى الشائعة هى تلك التى يقوم فيها شقى أو مسجل خطر أو أرباب سوابق بالبلطجة على شخص أو مجموعة أشخاص ساعيا لسرقة محفظة أو خطف موبايل أو سلسلة أو حقيبة حريمى أو فرضا لسطوة على حارة أو منطقة.

هذه النوعية من البلطجة عشناها حتى الثمالة منذ قرر العادلى وكبار مساعديه يوم 28 يناير معاقبة الشعب المصرى على ثورته وسحب كل أفراد الأمن من الشوارع.

البلطجة الفردية تتراجع الآن إلى حد ما، لأسباب منها الأحكام الرادعة ضد بعض البلطجية، والعودة الخجولة لأجهزة الأمن فى بعض المناطق.

فى المقابل نشهد الآن صعودا مريعا ومفجعا للبلطجة الشاملة، وفيها يقوم حى بمهاجمة حى، أو قرية بمهاجمة قرية، وقد لا يمر وقت طويل إذا سارت الأمور على حالها أن تعلن أسيوط الحرب مثلا على سوهاج أو تفكر فى احتلال المنيا وبنى سويف.

فى ظل الفوضى العارمة التى نعيشها يتحول حادث اصطدام توك توك بفاترينة محل ملابس إلى معركة دامية تدوم أياما فى جرجا ويتحول حادث معاكسة شاب لفتاة يحدث كل ثانية تقريبا فى مصر إلى حرب طاحنة فى المنيا.

من لا يصدق عليه ان يرصد نوعية الحوادث والجرائم التى تنشرها الصحف هذه الأيام، سيجد حروبا فى كل مكان: حرب شوارع بين المشابك وأبوقتاتة فى فيصل، وصراع تجار دموى أمام مسجد السيدة زينب حينا وفى شارع عبدالعزيز بوسط البلد حينا آخر، وتطورات خطيرة فى جرجا بسوهاج والمنيا. صار إطلاق الرصاص الحى فى أى وقت وأى مكان حتى لو كان قرب وزارة الداخلية نفسها شيئا يشبه تناول الماء عند انطلاق مدفع الافطار.

المعنى الوحيد لمثل هذه النوعية من الجرائم التى لا تخلو منها مدينة هى أن هيبة الدولة قد اختفت أو تكاد، وان جزءا كبيرا من المجتمع قرر التعامل مع جهاز الشرطة باعتباره غير موجود أو على الأقل لا قيمة له، وتلك هى الكارثة.

عندما تتشاجر عائلتان أو شارعان بالأسلحة النارية أمام قسم الشرطة، فالمعنى أن سطوة جهاز الأمن بصورتها القديمة تتلاشى، وبالتالى علينا أن نسأل: ما هى نوعية الحديث الذى يدور بين عصام شرف ومنصور العيسوى عندما يجلسان فى غرفة مغلقة وأمامهما التقارير التى تتحدث عن الحروب الأهلية فى المدن المصرية؟!!.

أثناء الثورة قال مبارك «أنا أو الفوضى». لكن الثورة اجتازت معظم المطبات الصعبة كما فشلت معظم محاولات النظام المنهار لاجهاضها.

الآن يكاد المرء يتصور أن هناك بعضا داخل جهاز الأمن لا يريد العمل أو يشعر بنشوة وهو يرى الأوضاع منفلتة والبلطجة متفاقمة.

لا أؤمن بنطرية المؤامرة والمنطقى أن معظم الصدامات الكبرى هى نتيجة حوادث عرضية وعشوائية غير منظمة، لكن المؤامرة ان تتركها تتفاقم وتنتشر وتصبح مثل «الموضة» التى يقلدها الجميع.. وهنا مكمن الخطورة وفى مثل هذه الحالة فقط عندما تعم الفوضى سوف يترحم الجميع على أيام أبوعلاء وأبوشريف الذى هو حبيب العادلى.

وعندما يصاب الناس باليأس فسوف يكونون وقتها مستعدين لقبول أى حل حتى لو كان تخفيض سقف الأحلام والتوقعات و«الرضاء بالقليل» تحت شعار «ربع أو نصف ثورة أحسن من مفيش».

وأخيرا نسينا أن نسأل: فى مثل هذا المناخ المنفلت كيف سنصدق أن الأمن سيكون قادرا على تأمين الانتخابات البرلمانية بعد أسابيع؟!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي