الذكاء الاصطناعى.. والنمو الاقتصادى - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الأحد 15 ديسمبر 2024 4:41 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الذكاء الاصطناعى.. والنمو الاقتصادى

نشر فى : الجمعة 11 أغسطس 2023 - 8:35 م | آخر تحديث : السبت 12 أغسطس 2023 - 12:14 ص
بسبب جائحة كوفيدــ19، والتوترات الجيوسياسية، بالإضافة إلى التغير المناخى، يواجه الاقتصاد العالمى تباطؤا ملحوظا، وهذه المشكلة من المرجح لها أن تستمر فى العقد المقبل، مما يعنى زيادة التضخم وارتفاع تكاليف رأس المال. فى ضوء ذلك، نشر موقع Project Syndicate مقالا للكاتب مايكل سبنس، يقول فيه إن الوضع الاقتصادى ليس بهذه القتامة، وأنه يمكن زيادة الإنتاجية العالمية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى. هذه التكنولوجيا مدربة جيدا للتفاعل مع الجمهور، ومع ذلك ونظرا لأنها آلات ترتكب أخطاء، فمن المستبعد أن تستبدل البشر فى المستقبل القريب... نعرض من المقال ما يلى:
فى مختلف أنحاء العالم، يكافح الـعرض لملاحقة الطلب، على الرغم من الزيادات الحادة التى طرأت على أسعار الفائدة. وتزداد شيخوخة القوة العاملة العالمية بسرعة. كما ينتشر نقص العمالة على نحو مستديم فى كل مكان.

هذه ليست سوى بعض القوى الكامنة وراء تحدى الإنتاجية الذى يواجه الاقتصاد العالمى. وقد بات من الواضح على نحو متزايد أننا يجب أن نعمل على تسخير الذكاء الاصطناعى فى التصدى لهذا التحدى.

على مدى العقود الأربعة الأخيرة، جلب نمو الاقتصادات الناشئة السريع زيادة كبيرة فى القدرة الإنتاجية، التى عملت كقوة عاتية خافضة للتضخم على جانب العرض. وعملت الصين، على وجه الخصوص، كمحرك قوى للنمو. لكن محرك نمو الاقتصاد الناشئ هذا أصابه الضعف بشكل كبير فى السنوات الأخيرة. فقد أصبح النمو بعد الجائحة فى الصين أقل كثيرا من إمكاناته ولا يزال فى تراجع مستمر.

علاوة على ذلك، تعمل التوترات الجيوسياسية، وصدمات عصر الجائحة، وتغير المناخ على تعطيل سلاسل التوريد العالمية، كما تعمل مجموعة من حوافز السوق وأولويات السياسات الجديدة. من ناحية أخرى، ارتفعت مستويات الديون السيادية ولا تزال فى ارتفاع، مما يقلل من قدرة البلدان المالية على تنفيذ استثمارات عامة داعمة للنمو ويزعزع استقرار بعض الاقتصادات.

هذه اتجاهات مزمنة، أى إنها من المحتمل أن تكون سمات ثابتة للاقتصاد العالمى فى العقد المقبل. وسوف تتسبب قيود العرض والتكاليف المتزايدة الارتفاع فى إعاقة النمو. كما سيظل التضخم يشكل تهديدا مستمرا، مما يتطلب زيادة أسعار الفائدة التى تتسبب فى رفع تكاليف رأس المال. وسوف يكون من الصعب للغاية ــ اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا ــ ملاحقة الاستثمارات الضخمة المطلوبة على نحو متزايد الشدة؛ ولكن بدونها ستزداد الارتباكات المرتبطة بتغير المناخ سوءا على سوء.

لكن الأمر لا يخلو من أخبار واعدة. ففى كتاب جديد لكاتب المقال، وجوردون براون، ومحمد العريان، بعنوان «أزمة دائمة: خطة لإصلاح عالـم مـمـزق»، يزعمون فيه أنه مع التقدم السريع فى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى، لن يكون تحقيق هذا الهدف (زيادة الإنتاجية) مستحيلا. يتلخص المفتاح فى ضمان تركيز إبداع الذكاء الاصطناعى وتطبيقاته بشكل محورى على نمو الإنتاجية فى السنوات المقبلة.

لقد بدأ بالفعل سباق تطوير تطبيقات مرتبطة بمجموعة واسعة من القطاعات والفئات الوظيفية. فقد أنشأت شركة OpenAI، وهى الشركة التى طورت ChatGPT، واجهة تطبيق لبرمجة التطبيقات (API) والتى تسمح لآخرين ببناء حلول الذكاء الاصطناعى الخاصة بهم على قاعدة النماذج اللغوية الضخمة، وإضافة البيانات والتدريب المتخصص للاستخدام الذى يستهدفونه بعينه.

تقدم لنا دراسة حالة أجراها أخيرا الباحث الاقتصادى إيريك برينجولفسون وزملاؤه فى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إشارة مبكرة إلى الإمكانات المتاحة فى ما يتصل بالإنتاجية. بفضل التوصل إلى إنشاء أداة قائمة على الذكاء الاصطناعى التوليدى مدربة على التسجيلات الصوتية للتفاعلات مع خدمة العملاء ومقاييس الأداء أصبح من الممكن زيادة الإنتاجية بنحو 14% فى المتوسط، قياسا على عدد القضايا التى يتم حلها كل ساعة.

كان وكلاء خدمة العملاء الأقل خبرة هم الأكثر استفادة من هذه الأداة، وهذا يشير إلى أن الذكاء الاصطناعى من الممكن أن يساعد العمال على «التحرك مع منحنى التجربة» بسرعة أكبر. وسوف يكون تأثير «التسوية» هذا فى الأرجح سـمة شائعة لتطبيقات الذكاء الاصطناعى، وخاصة تلك التى تلائم «نموذج المساعد الرقمى».

يأتى هذا النموذج فى نسخ عديدة، وقد يستفيد من قدرة أنظمة الذكاء الاصطناعى والذكاء المحيط على تتبع وتسجيل النتائج. فى حالة الأطباء الذين يفحصون المرضى، أو يقومون بجولات فى المستشفى، من الممكن أن تنتج أدوات الذكاء الاصطناعى مسودة أولى للتقارير المطلوبة، والتى لن يحتاج الأطباء بعد ذلك إلا إلى تحريرها. وتتفاوت تقديرات توفير الوقت، لكنها جميعها كبيرة للغاية.

من المؤكد أن الذكاء الاصطناعى قد يعمل أيضا على تمكين أتمتة (تشغيلها آليا) عدد كبير من المهام والحلول محل العمال البشريين. لكن أدوات الذكاء الاصطناعى هى فى الأساس آلات تنبؤ؛ وهى ترتكب الأخطاء، وتختلق أشياء من الخيال، وتعمل على إدامة التحيزات التى تدربت عليها. وعلى هذا فمن غير المرجح أن تستبعد التطبيقات الحكيمة البشر فى أى وقت قريب.

لتحقيق إمكانات الذكاء الاصطناعى فى تعزيز الإنتاجية، يتعين على صناع السياسات أن يعملوا فى مجالات عديدة. بادئ ذى بدء، يعتمد الإبداع، والتجريب، وتطوير التطبيقات على انتشار القدرة على الوصول إلى النماذج اللغوية الضخمة. وربما تنشأ المنافسة الكفيلة بضمان تمكين أكبر عدد ممكن من المستخدمين على الوصول إليها بتكلفة معقولة. ولكن بسبب قـلة الشركات التى تمتلك القدرة الحاسوبية اللازمة لتدريب النماذج اللغوية الضخمة، يجب أن يظل القائمون على التنظيم يقظين على هذه الجبهة.

علاوة على ذلك، يجب أن تتعاون الحكومات مع الصناعة والأشخاص الباحثين لترسيخ مبادئ مقبولة على نطاق واسع للإدارة المسئولة واستخدام البيانات، وتنفيذ الضوابط التنظيمية لدعم هذه المبادئ. ويـعـد إيجاد التوازن الصحيح بين الأمن والانفتاح ضرورة أساسية؛ فلا يجوز أن تكون القواعد تقييدية إلى الحد الذى يجعلها تعيق التجريب والإبداع.

أخيرا، يحتاج الباحثون والباحثات فى مجال الذكاء الاصطناعى إلى الوصول إلى قدرة حاسوبية كبيرة لاختبار وتدريب نماذج الذكاء الاصطناعى الجديدة. سوف تؤدى الاستثمارات الحكومية فى أنظمة الحوسبة السحابية إلى تحقيق تقدم طويل الأمد فى مجالات الذكاء الاصطناعى والروبوتات، وسوف يصاحب ذلك فوائد اقتصادية بعيدة المدى. فى الواقع، قد تكون الإدارة الفـعالة المتطلعة إلى المستقبل لتطوير الذكاء الاصطناعى، إلى جانب الالتزام المتجدد بالتعاون العالمى، المفتاح إلى مستقبل أكثر ازدهارا وشمولية واستدامة.

النص الأصلى:

التعليقات