«اللى اتلسع من الشوربة ينفخ فى الزبادى».. يبدو أن وزارة الداخلية ترفع هذا المثل الشعبى وهى تتصدى للمظاهرات والمسيرات وأعمال العنف فى الشوارع هذه الأيام.
فى 25 يناير 2011 فوجئت الشرطة بملايين المصريين فى الشوارع الذين تمكنوا من «كسر الوزارة» وإسقاط مبارك فى 18 يوم فقط.
هذا الدرس صار الهاجس الذى تعمل فى ظله الوزارة كل لحظة.
هى تتعامل مع أى خبر أو إشاعة عن تحرك لاى مظاهرة وكأنها تهديد خطير ينبغى أن يتم الاستعداد له على أتم ما يكون.
ربما يكون ذلك هو التفكير الامنى الطبيعى، لكن السؤال هو: أليس هناك ضرورة أيضا فى التأنى قبل أى قرار بالتحرك؟!.
أطرح هذا السؤال بمناسبة الاجواء التى صاحبت ما سمى بتأسيس حركة «ضنك» فى السويس أو «عفاريت دمنهور» أو «كتائب حلوان» مؤخرا.
احد اعضاء ما يسمى ب «ضنك» اتصل بأحد البرامج الفضائية المهمة وهدد بأن حركته ستقيم الأرض ولا تقعدها، بل أضاف أنه سينتحر إذا لم ينزل المصريون للانضمام إلى «ثورة الغلابة» ضد الحكومة.
مبدئيا يمكن القول ان امتلاك أجهزة الأمن لمعلومات صحيحة وفى وقتها عن أى تحركات للإرهابيين كفيل بإجهاض الكثير منها، أو على الأقل التعامل مع الظاهرة فى إطار حجمها الطبيعى.. وبالتالى عندما يخرج شخص مجنون أو مختل أو هاوى شهرة أو حتى عاقل مهددا بنزول ملايين المصريين إلى الشوارع، يفترض ان يتم التعامل معه فى إطار حجمه، وبالتالى لا يتم حشد 100 ألف جندى أو اكثر لمواجهة السراب، ولا نكلف ميزانية الوزارة كل هذه الأموال التى يتطلبها تحرك القوات واعاشتهم والاهم حتى لا ننهك هذه القوات.
والعامل الأخير شديد الأهمية لانه قد يكون أحد الأهداف الرئيسية وراء مثل هذه الإعلانات المستمرة عن تحركات لمسيرات عنيفة «مضروبة»، بحيث تظل القوات متواجدة فى الشوارع ليل نهار وفى النهاية يتم انهاكها خلال فترة زمنية محددة.
السؤال بطريقة أخرى: إذا كان من حق أجهزة الأمن اتخاذ الاحتياطات اللازمة للتعامل مع أى اعلان عن تحرك خوفا من «درس الشوربة والزبادى»..ألا يحق لوسائل الإعلام ان تعيد النظر فى تضخيم ظواهر تافهة وتصغير قضايا مهمة؟!.
السؤال بطريقة ثالثة: من المستفيد من تضخيم الإعلام لهذه الحركات الصغيرة؟!.
هل هى أجهزة الأمن لتقول للناس أن هناك خطرا دائما وداهما يتطلب اتخاذ إجراءات استثنائية ،وبالتالى تؤجل العودة للحياة الطبيعية ،أم ان المستفيد هم جماعة الإخوان وحركات العنف التى تريد الايحاء بانها موجودة فى الشارع؟!.
يقول البعض ان جل ما تريده جماعة الإخوان الآن - بعد الضربة الشعبية والأمنية أن تتواجد إعلاميا، وهو ما يحققه لها الاعلام من دون أى مجهود منها. عندما ينزل أقل من مائة شخص ويتظاهرون فى أربع أو خمس مناطق، ثم تقوم الفضائيات ليلا ببث الخبر وتضخيمه، فان الجماعة تقول لمن يمولها هذا هو نشاطنا المستمر ونريد الأموال، وتقول لمن يدعمها: هؤلاء هم أنصارنا فى الشارع كل لحظة.
من حق أجهزة الأمن ان تكون يقظة لأى تحرك غير قانونى، ومن حق الإعلام ان يبحث عن الخبر، لكن شرط ألا يضخمه أو يلغيه.
السؤال: أليس التضخيم فى «الحركات الفنوكشية» يهدد عودة السياحة والاستثمار والحياة الطبيعية.؟!
نرجو ممن يقولون أنهم حريصون على الأمن والوطن ان يسألوا أنفسهم هذه الأسئلة فربما يغيرون منهجهم أو يقنعونا بالعكس.