مساء الاثنين الماضى قابلت المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء عقب حضوره احتفال مؤسسة «معا» بتدشين مشروعها المتميز لبناء وحدات سكنية لقاطنى العشوائيات.
لمن يعرف الرجل جيدا فالابتسامة لا تفارق وجهه، وهو فعلا إنسان بسيط لأقصى درجة يمكن تخيلها، وآخر شىء يفكر فيه هو المراسم والأبهة والإتيكيت.
فى لقاء الأمس وبعد أن تحدث عن الفقر والعشوائيات سألنى عاتبا: هل يرضيك ما كتبته بعض وسائل الإعلام عن حكاية البلدوزر.. ألم تكن حاضرا بنفسك وسمعت الرئيس وهو يتحدث مبتسما ومداعبا؟. وأجبته فورا بنعم.
لمن لا يعرف الحكاية فإن رئيس الجمهورية أثناء افتتاح بعض مشروعات الهيئة الهندسية للقوات المسلحة صباح الأحد الماضى، تحدث عن تقييمه لمستوى الأداء فى إنجاز المشروعات خلال العام الأول من حكمه.. وشرح كيف أنه لم يكن راغبا فى الترشح لرئاسة الجمهورية، لكن المجلس الأعلى للقوات المسلحة قال له إنه سيقف بجانبه فى تثبيت دعائم الدولة وبنائها، وأن المهندس محلب قال له فى نفس هذا التوقيت: «توكل على الله وترشح وسنكون البلدوزر الذى يمهد لك الطريق»، قاصدا بطبيعة الحال أن يعمل معه بلا كلل أو ملل.
الرئيس كان يتحدث بجدية فى المقطع الأول، لكنه نظر إلى المهندس محلب وابتسم فعلا: «فين البلدوزر ده.. أنا خايف يقف فى نص السكة».
بالنسبة لى ولكثيرين من الحاضرين ضحكنا وابتسمنا على تعليق الرئيس، لأنه المعنى الذى وصلنا كان هو المداعبة والمزاح وربما تغيير فى اللهجة الجادة التى كانت سمة حديث الرئيس مع المسئولين فى هذا الصباح.
بالنسبة لآخرين فهموا أن الكلام والتعبير كان جادا، ويعكس تغيرا فى نظرة الرئيس للحكومة وتقييم أدائها، خصوصا أن بعض الكتابات والتعليقات التى تتداولها وسائل الإعلام وبعضها مقرب من الرئاسة تتحدث عن أن هناك تغييرا قريبا متوقعا قد يكون شاملا.
فى المقابل فإنه لا يمكن أيضا تجاهل الخبر المهم الذى كتبته جريدة الأخبار فى عدد الثلاثاء الماضى وخلاصته أن «مصدرا رفيع المستوى أكد أنه لا تفكير فى إجراء تعديل أو تغيير وزارى فى الفترة الراهنة، بل إن استحداث الوزارتين الخاصتين بالمشروعات الصغيرة والمصريين فى الخارج هو أمر تحت الدراسة وليس قرارا نهائيا».
هذا الكلام يعنى أن التغيير الشامل مستبعد، والمؤكد وحسب معرفتى بياسر رزق رئيس مجلس الإدارة ورئيس تحرير الأخبار فإنه لا يمكن أن ينشر مثل هذا الخبر وفى هذا التوقيت بالذات، إلا إذا كان واثقا منه مئة بالمئة، والأغلب أنه هو الذى كتب الخبر بنفسه.
بعد أن قرأت خبر الأخبار مساء الاثنين سألت أكثر من خمسة وزراء من حكومة المهندس إبراهيم محلب سؤالا واضحا هو: هل تلقيتم أى اتصالات أو مؤشرات أو تلميحات تفيد بقرب حدوث تعديل أو تغيير فنفى الجميع ذلك، وسألت مصدرا مهما داخل المجلس فنفى أيضا، لكنه رجانى ألا أذكر اسمه.
بطبيعة الحال التغييرات الوزارية تتم فجأة، ولا يخطر بها الوزراء أو حتى رئيس الوزراء قبلها، وتجربة التغييرات التى تمت خلال السنوات الأربعة الماضية أنها كانت فجائية ومنها وزارة الدكتور حازم الببلاوى.
القرار فى يد رئيس الجمهورية، ليس فقط بحكم صلاحياته ولكن لأنه رئيس السلطة التشريعية أيضا.
وبعيد عن اجتهادات وتخيمينات وتوقعات وتكهنات وسائل الإعلام فإن الأفضل أن يتم حسم الأمور رسميا بصورة واضحة، أما أن يتم إجراء التعديل أو التغيير أو تكون هناك رسالة علنية بأن الحكومة مستمرة فى عملها، والسبب المهم أن حالة «اللاحسم» سيكون تأثيرها سيئا للغاية على أداء غالبية الوزراء، وسيكون كل تفكيرهم هو: «هل نحن مستمرون أم لا؟»، وهذا هو أسوأ حالة يمكن أن يعملوا فيها.