المعرض الأول للفنانة التشكيلية «أى دا» سيكون فى أول مارس المقبل فى جامعة أوكسفورد، بعنوان «مستقبل غير مضمون»، ثم ستعرض رسومها فى لندن فى نوفمبر المقبل.
هل سمع أحدكم عن هذه الفنانة التشكيلية؟!.
فى الواقع هى ليست فنانة، ولكن مجرد روبوت، يقول صانعوه إنهم سيكونون قادرين على إعطائها القدرة على جذب الناس للنظر إلى قلم فى يدها.
اسم الروبوت مأخوذ من اسم عالمة الرياضيات البريطانية آدا لوفلايس.
المشرف على المراحل النهائية من تصميم الروبوت ايدى ميلر، يعتقد أنها ستكون واقعية جدا، مثل البشر تقريبا، وستتمكن من التفاعل مع الجمهور، وتلقى رسائلهم فعليا وطرحها، وحركاتها ستكون جيدة جدا، بل إن مقلة عينها ستكون قادرة على النظر فى عينى محدثها مباشرة وتتبعه فى الغرفة، وكذلك ستكون قادرة على الرمش. أما شكلها فسيكون بشعر طويل داكن وبشرة من السليكون، وأسنان ولثة مطبوعتين بتقنية ثلاثية الأبعاد.
كل ما سبق قرأته عصر يوم الإثنين الماضى على موقع قناة يورو نيور، والمفارقة أننى فى نفس اليوم ظهرا، كنت قد حضرت جلسة مهمة للمدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية فرانسيس جارى، فى إحدى الجلسات الرئيسية لمؤتمر «القمة العالمية للحكومات» بدبى، عنوان الكلمة كان «مستقبل الملكية الفكرية، فى عصر الذكاء الاصطناعى».
جارى لم يتحدث فقط عن الملكية الفكرية التى نعرفها، وتكاد تقتصر لدى كثيرين فى مصر على قرصنة وتزوير الكتب والأغنيات والأفلام. لكن الرجل توسع أكثر فى الحديث عن علاقتها بالذكاء الاصطناعى، باعتبار أن منظمته معنية أساسا بتصميم السياسات المشجعة على الابتكار. اليوم التكنولوجيا صارت هى القوة المهيمنة على الاقتصاد. الرجل كشف بالأرقام عن جوانب مهمة ترينا كيف يتحرك العالم فى هذا المجال الجديد.
فى مجال الملكية الفكرية المتعلقة بالذكاء الاصطناعى خلال العشرين سنة الأخيرة، هناك ٣٫٢ مليون طلب لبراءات اختراع، و٩٫١ مليون علامة تجارية، ومليون تصميم، وثلثا كل ما سبق موجود فى آسيا.
هو ينظر للأمر من منظورين، الأول الدور التقليدى للملكية الفكرية لتشجع التنافس على الابتكار، والثانى الموازنة بين المتنافسين وبين المستهلكين.
منظمة الملكية الفكرية أو «الوايبو»، أصدرت أخيرا تقريرا جاء فيه أنه منذ خمسينيات القرن الماضى كان هناك ٣٤٠ ألف طلب براءة اختراع خاصة بالذكاء الاصطناعى، وكذلك ١٫٦ مليون منشور أو بحث علمى. لكن منذ عام ٢٠٠٣ تغيرت الأمور كليا، وحصلت زيادة كبيرة فى الأرقام، وبعد عام ٢٠١٣، زادت براءات الاختراعات الخاصة بالذكاء الاصطناعى بصورة كبيرة.
جارى يتوقع حدوث تغيرات كبيرة فى الإنتاج حول العالم بسبب هذه الطفرة، المتمثل فى «احتراق أفق عميق للذكاء فى المجالات التجارية». وهناك مثلا إقبال كبير على مجال النقل خصوصا فى طائرات «الدرون» ١٥٪، والعلوم الحياتية والصحية ١٢٪، و١٠٪ فيما يتعلق بالتفاعل عموما مع البشر. وتتصدر الصين هذا المجال ومعها أمريكا ثم اليابان.
فى جلسة مدير الوابيو كانت هناك نقاط مهمة ومدهشة. مثلا كيف سيكون التعامل مع المؤلف فيما يتعلق بالملكية الفكرية، المؤلف لن يكون بالضرورة الأديب أو المفكر أو المصمم والمخترع، بل ربما الروبوت، وهنا سأل البعض: حينما يولد الذكاء الاصطناعى، أو يخترع الموسيقى، ويضعها على أسطوانة لشركة مشهورة فلمن ستذهب الحقوق؟!.
هناك أيضا أمور شائكة تتعلق بالتدفق الحر للبيانات من جهة والقيود على استخدام بعض هذه البيانات حماية للخصوصية، إضافة إلى الجانب الأمنى الخاص بمدى خطورة هذه البيانات، وكيف نحمى البيانات الخاصة المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعية، بصورة كبيرة يوميا.
النقطة المهمة الأخرى هى أن العالم المتقدم سوف يقفز للأمام بمليارات أو حتى تريليونات الخطوات، فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعى، فى حين أن الفقراء والمعدومين والمتخلفين فى بقية بلدان العالم، سوف يواصلون السقوط فى مستنقع الفقر والجهل والتخلف والمرض.
والسؤال هنا: كيف يمكن تقليل هذه الفوارق فى ظل أن القدرات التكنولوجية ستكون هى العامل المميز لاقتصاد العالم أجمع. أو على الأقل المتقدم منه؟!.
السؤال الأهم هو: هل نحن كمجتمع وحكومة فى مصر مشغولون حقا وفعلا بهذا الأمر، هل نتابع ما يحدث فى العالم أجمع، خصوصا آسيا، وإذا كنا نتابع، فماذا نحن فاعلون؟! أما السؤال الموجه للأفراد الغارقين فى الماضى: ألم يحن الوقت بعد للنظر إلى المستقبل قبل أن ننقرض تماما؟!.