وزير يشكو من ارتفاع الأسعار! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:45 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وزير يشكو من ارتفاع الأسعار!

نشر فى : الأحد 14 مايو 2017 - 10:40 م | آخر تحديث : الأحد 14 مايو 2017 - 10:40 م
قبل أيام قليلة كنت أحضر حفل زفاف لابنة أحد الأصدقاء فى أحد الفنادق الكبرى بمدينة نصر. على المائدة جلس بجانبى وزير سابق، وبعد السلامات والطيبات، والسؤال التقليدى: عامل إيه يا سيادة الوزير؟!. فوجئت به يقول لى «مش عارف أعيش.. الأحوال شديدة الصعوبة».
ضحكت مستغربا وقلت له بتعجب، الطبيعى أن تكون تلك هى إجابة المواطن العادى خصوصا الطبقة المطحونة، وليس وزيرا سابقا لوزارة خدمية، عرفت بالجود والكرم وإغاثة الملهوف!!
قال الوزير السابق، معاشى نحو ألفى جنيه، ومصروف البيت لم يعد يكفيه ١٥ ألف جنيه شهريا، ولولا، أننى أعمل فى أكثر من مجال، خصوصا الاستشارات لشركة خاصة، لكنت أعانى معاناة شديدة.
بالطبع هذا الوزير كان شريفا ولم يتكسب من وظيفته كما يفعل البعض، وبالتالى صار مهموما بأن كيلو السمك البلطى قفز قبل أسابيع إلى نحو ٤٠ جنيها، بعد أن كان سعره لا يتجاوز ١٥ جنيها!
حالة هذا الوزير جعلتنى أشعر بخوف مضاعف على المستقبل. فإذا كان الوزير ــ بجلالة قدره ــ لم يعد قادرا على تحمل الأوضاع المعيشية الراهنة، فماذا يفعل المواطن الفقير أو الموظف البسيط؟!
تعويم الجنيه مقابل العملات الأجنبية ورفع أسعار الوقود فى ٣ نوفمبر الماضى، وقبله رفع أسعار الكهرباء والغاز والمياه، وسائر الخدمات، أدى إلى ارتفاعات جنونية فى كل السلع الأساسية وغير الأساسية.
للموضوعية، لم يكن هناك بديل تقريبا عن اللجوء إلى هذه الإجراءات التى هى «آخر العلاج» بعد أن وصلت الأزمة الاقتصادية إلى أوضاع حرجة، وكان استمرارها يعنى عدم استبعاد حتى خيار إفلاس البلاد.
لكن وكما يقولون فإنه «لا فائدة من إصلاح الاقتصاد وتمويت الشعب!»، وبالتالى، ومع حتمية الاستمرار فى الإصلاحات، فإن على الحكومة التفكير كل لحظة فى مجموعة حلول خلاقة لتخفيف الآثار المأساوية التى يعانى منها غالبية المواطنين من الغفير إلى الوزير!
إذا كيف يمكن التوفيق بين الاستمرار فى عملية الإصلاحات التى تعثرت لحقب طويلة، وبين إنقاذ غالبية المواطنين من الوقوع فى دوامة الفقر والضياع؟!
هناك أكثر من حل أهمها أن يتم توزيع أعباء عملية الإصلاح على الجميع كل حسب قدرته وطاقته. والأهم أن تتخذ الحكومة إجراءات فعالة من أجل توفير زيادة فعالية شبكة الحماية الاجتماعية، لمساعدة الفقراء الذين وصل عددهم إلى ٢٨٪ على تحمل «الأيام الضنك».
الفقير بلغة الحكومة والجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء هو من يقل دخله عن ٤٨٢ جنيها بأسعار ما قبل التعويم، بمعنى أن هذا المبلغ لم يعد يساوى ٣٠٠ جنيه تقريبا. معنى ذلك أن جزءا كبيرا من الطبقة المتوسطة قد خرج منها وهبط إلى الطبقة الفقيرة، فماذا ينبغى على الحكومة أن تفعل؟!
لا بديل للاسف غير مواصلة سياسة الإصلاح بكل آلامها، لكن شرط أن تكون مصحوبة بأكبر جهد ممكن من محاربة الفساد وتقديم الفاسدين للعدالة حتى تصل لعموم الناس رسالة بأن الدولة جادة فى عملية الإصلاح.
لو كنت مكانها أيضا لرفعت عدد المستفيدين من مشروعى تكافل وكرامة. أعرف أن عددهم وصل إلى ١.٧ مليون شخص مع احتفال الوزارة هذه الايام بمرور عامين على بدء البرنامج. وأعرف أيضا الدور المهم الذى تلعبه وزيرة التضامن المحترمة والمجتهدة د. غادة والى فى هذا المجال. لكن للأسف فإن إجمالى المبلغ المخصص للبرنامجين مايزال ضئيلا مقارنة بالأوضاع الصعبة التى تعانيها الفئات الأشد فقرا.
لو كنت مكان الحكومة، لبحثت عن أى مخصصات إضافية ووجهتها إلى مشروع الضمان الاجتماعى، ورفعت عدد المستفيدين منه، بكل الطرق الممكنة.
وبجانب كل ما سبق فإن أى «حركة جدعنة» من الحكومة للموظفين مع العلاوة لغير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية ــ المفروض صرفها آخر مايو الحالى بأثر رجعى منذ يوليو الماضى ــ قد يشعر الناس بأن الحكومة تحس بهم وتشاركهم شعورهم وتدرك معاناتهم، خصوصا أن هناك زيادات متوقعة فى اسعار الوقود والكهرباء خلال اسابيع قليلة.
كان الله فى عون الجميع.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي