قبل أن يجف مداد المبادرة التى أعلن عنها الدكتور أحمد كمال أبوالمجد للمصالحة بين الدولة والإخوان، كذبتها الجماعة، ونفى من يوصف بأنه من عقلائها علمه بوجودها أصلا، وقال إن ما جرى بينه وبين الدكتور أبوالمجد كان مجرد دردشة عادية فى الشأن العام، وقبل أن يصدر الدكتور بشر بيانه الملتبس، قال فى تصريحات صحفية إن عودة الشرعية هى الأساس الذى يمكن من خلاله بدء أى حوار بين الجماعة والدولة، واستدعى بيان بشر بيانا توضيحيا آخر من أبوالمجد، يدعو الجماعة فيه إلى الاعتراف بسلطة الحكم الثورى القائم والتعاون معه للخروج من الأزمة، والتوقف عن سياسة التصعيد الإعلامى ووقف التظاهرات التى «تضع الجماعة بها نفسها ــ علم ذلك من علمه وأنكره من أنكره ــ فى مواجهة مع سائر قوى شعب مصر، وهى مواجهة مكتوب عليها الإخفاق الذى لا شك فيه».. بحسب نص البيان.
وكان متوقعا أن ترد الجماعة وما يدعى بـ«تحالف دعم الشرعية» أمس على بيان أبوالمجد، ولم يبعد الرد كثيرا عما توقعناه، استنادا إلى حالة الإنكار العامة التى تعيشها الجماعة وتابعوها، والتى تدفعهم لرفض الاعتراف بكل ما جرى منذ 30 يونيو وحتى اليوم، وهو ما دفع أبوالمجد إلى تحذيرهم الذى لا أشك فى صدقه من أنهم بسلوكهم هذا يضعون أنفسهم فى مواجهة مع الشعب، وليس مع «الشرطة» أو «سلطة الانقلاب» أو «الدولة العميقة» كما يروجون، كما أرجو أن تلاحظ وصف أبوالمجد لسلطة الحكم بلفظ «ثورى»، وهى مقصودة من فقيه قانونى يزن كلماته بميزان الذهب، ويعرف أن ما جرى فى 30 يونيو كان ثورة، وما أعقبه من إجراءات كان استجابة لمطالب الملايين التى خرجت فى ذلك اليوم.
قلت لك من قبل إن عملية إعادة إدماج الجماعة فى الحياة السياسية بيدها هى لا بيد غيرها، وأن ذلك يبدأ باعتراف الجماعة بأخطائها طوال عام من حكم مرسى، وأن تعلن قبولها بخارطة الطريق التى ارتضاها الشعب، وأن تعترف بإرادة الملايين التى عبرت عن ذاتها بصورة أذهلت العالم يومى 30 يونيو و26 يوليو، ودون أن تجرى الجماعة هذه المراجعات، فإن أى كلام عن دمج الجماعة فى مستقبل البلاد السياسى يبقى حرثا فى البحر.
قلت لك أيضا أن الجماعة لن تفعل، لأن الاعتراف بالخطأ ليس من شيم هذه الجماعة «الربانية».
الجماعة تغير تكتيكاتها تبعا لمقتضيات الواقع على الأرض، لكنها غير مستعدة لأن تعترف بأخطائها، وما تهدف له الآن، هو أن تواصل تحريضها واستفزازها للجيش وقائده، وأن تتحرش بالشرطة وتستدرجها إلى مواجهات يقع فيها ضحايا وتسيل دماء، لتنقل فضائية «الحقيرة» الصورة التى تبرهن على دموية «سلطة الانقلاب».
تبحث الجماعة عن صورة، تصنعها ولو على أشلاء أتباعها، وتحاول أن تعيد إنتاج بعض مشاهد ثورة 25 يناير، وهو ما يفسر «بكائية الشهيد بلال»، الذى حاول مع زملائه اختطاف سيارة ترحيلات، فلما تصدت لهم الشرطة، صار مهاجمو الأمن ضحايا وشهداء!
الجماعة غير الشرعية تبحث عن شرعيتها عبر إشاعة فكرة المظلومية، وهو ما يفسر شيوع الصيغة الأردوغانية ذات الأصابع الأربعة فى مسيرات الجماعة، التى نعرف ويعرفون كيف يتم تمويلها ولماذا؟
صبر الجيش والشرطة على مخطط الجماعة لن ينفد، فهم يعرفون أن القضاء على الإرهاب معركة طويلة، خصوصا مع هذا الكم الهائل من الأسلحة الذى دخل مصر عبر ليبيا والسودان واليمن، لكن صبر المصريين على خطل الجماعة أوشك على النفاد، وهذا ما حذر منه بيان الدكتور أبوالمجد، ولا أظن أنه بلغ إدراك الجماعة.