لا أعلم إذا كان الإخوان يدركون أم لا انهم يخسرون أكثر مما يكسبون حينما لا يحسنون اختيار وسيلة الاحتجاج الصحيحة وفى الوقت الصحيح أيضا؟!.
ألمحت إلى هذه الفكرة قبل ذلك لكن يحار المرء فى الطريقة التى يفكر بها الإخوان وكأن خصومهم هم الذين يفكرون بالنيابة عنهم.
بعد ان خسر الإخوان الشارع أو يكادون، فهم فى طريقهم لخسارة الجامعات.
اعتقد الإخوان ان التضييق الأمنى عليهم فى الشوارع والميادين لن يتكرر فى الجامعات التى ظنوا انها ستكون بديلا عبقريا لمظاهرات الشوارع واعتصامات الميادين.
التفكير الإخوانى التقليدى فكر بطريقة ان لديه قاعدة طلابية ضخمة فى الجامعات، يضاف إليهم بعض الغاضبين من الحكومة لأى سبب وبالتالى ظنوا انهم سوف يضمنون حشودا احتجاجية ضخمة كل يوم.
لكن مشكلتهم الجوهرية انهم ينسون دائما الشارع أو المواطن البسيط الذى لا يشغله من يحكم، الإخوان أم الشيوعيون! بل يشغله ان تتحسن حياته للأفضل.
اندفع الإخوان مستخدمين جميع امكانياتهم فى الحشد داخل الجامعات، وفى الطريق ارتكبوا اخطاء قاتلة.
هاجموا الشيخ على جمعة وحاولوا الاعتداء عليه، وبغض النظر عن رأيهم فى هذا الشيخ الجليل فإنهم بعدوانهم الهمجى يعطون خصومهم نفس الحجة وهى مهاجمة أى قيادى إخوانى لمجرد انهم مختلفون معه. الخطأ القاتل الثانى هو المحاولات الدءوبة لاقتحام المقار الرئيسية لرؤساء الجامعات ومشيخة الأزهر ثم اقتحام معظمها بالفعل.
الخطأ الثالث الجوهرى هو محاولة تعطيل الدراسة بأى ثمن وهذا الخطأ الأخير هو الأكثر خطورة.
غالبية طلاب الجامعة ليسوا إخوانا، ذهبوا إلى الجامعة من أجل التعلم والحصول على الشهادة، بعضهم ليس له نشاط سياسى، وبعضهم لا يؤيد الإخوان، وبالتالى فمحاولة اجباره على عدم الانتظام بالدراسة دفعه من دون وعى إلى عدم التعاطف مع الإخوان، والأهم فى هذه النقطة ان أولياء الأمور الذين أرسلوا أولادهم للدراسة وتحملوا صعوبات معيشية كبيرة من أجل ذلك لن يتعاطفوا مع أى طرف يحاول تعطيل العام الدراسى.
أما الخطأ القاتل فهو ان مظاهرات الإخوان اعطت أجهزة الأمن ما كانت تتمناه وفشلت فى الحصول عليه منذ الحكم الشهير للقضاء الإدارى بإلغاء الحرس الجامعى.
استمرار عنف المظاهرات ووجود قنابل ومولوتوف داخل الجامعة ثم اقتحام مقار رؤساء الجامعات وتعطيل الطرق الرئيسية أمامها، كل ذلك جعل جزءا لا بأس به من الرأى العام يتقبل للأسف الشديد فكرة عودة دور ما لأجهزة الأمن داخل الجامعة.
إذن سواء تظاهر الإخوان او احتجوا واشتبكوا مع أجهزة الأمن أو تم استدراجهم لهذه الاشتباكات ووقعوا فى الفخ أو المصيدة المحكمة، والنيجة هى ان قطاعات كثيرة من المواطنين والرأى العام صارت مستعدة لتقبل أى إجرءات أشد عنفا ضد المظاهرات فى المرحلة المقبلة بحثا عن الهدوء والاستقرار.
ارتكب الإخوان وهم فى الحكم أخطاء قاتلة ولايزالون مصرين على ارتكاب اخطاء مماثلة وهم خارج الحكم.