المناورات الليبية التركية - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:45 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المناورات الليبية التركية

نشر فى : الثلاثاء 15 يناير 2019 - 11:50 م | آخر تحديث : الثلاثاء 15 يناير 2019 - 11:50 م

نشرت مجلة «The National Interest» مقالا للكاتب «مايكل روبن» يتناول فيه قضية تهريب الأسلحة التركية إلى الجماعات المتطرفة فى ليبيا والحديث عن الدور التركى « المحتمل» فى دعم التطرف العالمى.

فى 18 ديسمبر الماضى، صادرت سلطات الجمارك الليبية ما يقرب من ثلاثة آلاف «مسدس» تركى الصنع فى ميناء «الخمس» ــ وهو ميناء ليبى يقع على بعد أربعين ميلا شرق طرابلس ــ. وهذه الشحنة ــ والتى أعلنت السلطات التركية عدم معرفتها بها ــ تمثل انتهاكا واضحا لحظر توريد الأسلحة إلى ليبيا المفروض من قبل الأمم المتحدة. وفى البيان التركى تم تصنيف هذه الشحنات باعتبارها شحنة مواد غذائية. وبعد فترة وجيزة صادرت سلطات الميناء الليبية ما يقرب من «أربعة ملايين رصاصة» على متن سفينة شحن تركية. ورفض العميد «أحمد المسمارى» ــ المتحدث باسم الجيش الوطنى الليبى ــ التحقيق المشترك الذى وعدت به الحكومة التركية وفايز السراج رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطنى الليبية ــ الحكومة الموالية للإسلاميين ــ. وألقى الجيش الوطنى الليبى المسئولية عن تصعيد الهجمات والاغتيال فى طرابلس على شحنات الأسلحة التركية. وأعلن فتحى المريمى، المتحدث باسم رئيس مجلس النواب الليبي ــ الحكومة المناهضة للإسلاميين المتمركزة فى مدينة طبرق الشرقية ــ أن «الشحنة كانت فى طريقها إلى الجماعات الإرهابية والمتطرفين والخارجين عن القانون»..
إن شحنات الأسلحة غير المشروعة هذه كانت فقط غيض من فيض. فقد أعلن «عبدالقادر عبدالله أبيس» ــ قائد الشرطة العسكرية فى طبرق ــ أن الشرطة قد أوقفت أخيرا سيارة لاند كروزر وطاردت أخرى ووجدتها مليئة بالأسلحة التركية. وبعد ذلك، فى 7 يناير الحالى، أعلن مسئولون فى مصراتة ــ وهى بلدة قريبة من طرابلس ــ أنهم قد اعترضوا شحنة أسلحة تركية أخرى، وهذه المرة كانت فى حاوية تحمل علامة نقل البضائع المنزلية وألعاب الأطفال. ومع كل شحنة يتم الكشف عنها يصبح إنكار أنقرة علمها بمثل هذه الشحنات غير قابل للتصديق. وتشير محاولة الاغتيال الأخيرة للمحقق الليبى الأساسى فى قضية الشحنات إلى أنه لا يزال هناك الكثير من الأمور التى سوف يتم الكشف عنها.
ما هى نهاية هذه اللعبة التركية؟
فى ظل حكم رجب طيب أردوغان والذى امتد لمدة خمسة عشر عاما، تحولت تركيا بالفعل إلى دولة بوليسية. فعندما تتدفق الأسلحة، فذلك لأن أردوغان يريد تدفق الأسلحة.. ويذكر الوضع فى ليبيا بالشاحنات الحاملة للأسلحة التى تم اعتراضها فى تركيا وهى فى طريقها إلى سوريا.
فى أعقاب وفاة الزعيم الليبى السابق معمر القذافى، انقسمت الدولة الشمال إفريقية الغنية بالنفط إلى دولتين (وإذا أخذنا فى الاعتبار جنوب ليبيا الخارج عن القانون.. إذًا نحن أمام ثلاث دول): فى طرابلس، تقتسم الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة السلطة مع الإسلاميين. بينما تقاتل حكومة طبرق ــ على مقربة من الحدود المصرية ــ تنظيم الدولة الإسلامية فى ليبيا والميليشيات المرتبطة بالقاعدة. وفى الوقت الذى تدعم فيه مصر والسعودية والأردن والإمارات العربية المتحدة حكومة طبرق الأكثر علمانية ومعادية للإسلاميين، انضمت تركيا إلى قطر والسودان لدعم الإسلاميين الليبيين. وفى هذا السياق دخلت الأسلحة التركية المشهد. ببساطة، يمكننا القول إنه عندما أصبحت قطر ممولا للإخوان المسلمين والجماعات المتشددة المنتشرة فى جميع أنحاء العالم، أصبحت تركيا سلاحها لتحقيق ذلك.
قد لا يكون هدف تركيا مجرد تمكين الجماعات المتطرفة من زعزعة استقرار ليبيا. حيث يعارض أردوغان النظام المصرى الذى أطاح بحكم الإخوان المسلمين ــ الذى كان يؤيده أروغان ــ وترتب على ذلك فقدان أردوغان لاتصالات مربحة داخل مصر. ومن ثم فقد توفر ليبيا ملاذا للجماعات المكرسة لتقويض استقرار مصر وإعادة الإسلاميين إلى السلطة.
ويضيف الكاتب أن الجزائر أيضا تشعر بالقلق من تحركات أردوغان الأخيرة. فالجزائر مقتنعة بأن بعض الأسلحة التى سعت تركيا إلى تهريبها إلى ليبيا كانت موجهة إلى مجموعات إرهابية فى الجزائر المجاورة.
كما أن هناك جماعة بوكو حرام ــ الجماعة الإسلامية المعروفة فى الغرب بالخطف الجماعى لطالبات المدارس النيجيريين ــ. وقد ظهر فى عام 2014، شريط تسجيل لمحادثة بين مستشار رفيع المستوى لأردوغان والسكرتير الخاص للرئيس التنفيذى لشركة الخطوط الجوية التركية بدا أنه يشير إلى أن قيادة الخطوط الجوية التركية المملوكة للدولة كانت مستاءة من اضطرارها إلى تهريب الأسلحة إلى نيجيريا، والتى على ما يبدو يتم استغلالها من قبل المتمردين مثل جماعة «بوكو حرام». وبالطبع، عندما قام فرع تابع للقاعدة بالسيطرة على شمال مالى، وصف أحد الأشخاص الذين عينهم أردوغان ــ القوة الفرنسية ــ المدعوة لمحاربة الجماعات المتطرفة كإرهابيين حقيقيين.
ويختتم الكاتب قائلا إنه فى واشنطن، لا يزال دور تركيا وسلوكها موضوعا مثيرا للجدل: هل أردوغان معادٍ لأمريكا؟ وما إذا كان توجهه نحو روسيا له طابع أيديولوجى أم يتعلق بالمصالح فقط؟ وهل يمكن الثقة فى أردوغان وتوليه مسئولية محاربة الدولة الإسلامية فى سوريا حال انسحاب الولايات المتحدة؟ إن إجراءات تركيا المتزايدة لزعزعة الاستقرار فى أفريقيا تعكس لنا فكر أردوغان واتجاهات تركيا الجديدة ــ ليس باعتبارها كجسر بين الشرق والغرب، بل كحافز للتمرد والإرهاب ــ. لقد حان الوقت للاعتراف بالواقع وهو أن تركيا اليوم أصبحت راعية للتطرف على نطاق عالمى. وهو ما يتم تجاهله فى واشنطن، ففى الوقت الذى تقوم فيه الولايات المتحدة بإلقاء اللوم على إيران بسبب شحناتها من الأسلحة غير القانونية التى تقوض السيادة والاستقرار فى بلدان مثل لبنان واليمن، نجد أن تركيا تقوم بنفس الشىء ولأهداف مشابهة.

إعداد: ريهام عبدالرحمن العباسي
النص الأصلي

التعليقات