هل سيتوقف العدوان الإسرائيلى على إيران الذى بدأ فجر يوم الجمعة الماضية.. وإذا توقف فمتى؟
أظن أن هذا السؤال هو الذى يشغل كثيرين خصوصًا فى المنطقة العربية والعالم الإسلامى.
لا أحد يملك إجابة شافية حاسمة قاطعة، لكن هناك مؤشرات وعوامل يمكنها أن تقدم لنا إجابة قريبة من الواقع قدر المستطاع.
ستنتهى الحرب فورًا إذا تمكن أحد الطرفين من إخضاع الآخر بصورة كاملة أو جزئية، وهو أمر يبدو بعيد المنال حتى الآن.
هناك سيناريو أن تتمكن إسرائيل من الاستمرار فى توجيه الضربات النوعية لإيران مثلما كانت ضربة البداية الساحقة، فجر الجمعة الماضية، حيث تمكنت من اغتيال كبار قادة القوات المسلحة والحرس الثورى واغتيال كبار علماء البرنامج النووى الإيرانى، لكن هذا السيناريو الذى اعتبره كثيرون فى البداية قابلًا للتحقيق، يواجه مقاومة إيرانية معقولة حتى هذه اللحظة، تمثلت فى أن إيران امتصت الضربة الأولى الكبيرة، ووجهت موجات ودفعات متعددة من الصواريخ والمسيرات باتجاه العمق الإسرائيلى.
فى الحالة الإسرائيلية نعرف أنها تعلن ضربات وعمليات محددة فى الساحة الإيرانية، لكنها تتكتم على حجم خسائرها الحقيقية حتى الآن، وباستثناء الدمار الذى لحق ببعض المنازل والمنشآت فى إسرائيل، فلا أحد يعرف حتى الآن حجم الخسائر العسكرية الإسرائيلية نتيجة للعمليات الإيرانية وأغلب الظن أن إسرائيل لا تعلن إلا عما يعزز صورتها باعتبارها ضحية وأن تهديدًا وجوديًا يحاصرها طوال الوقت.
إسرائيل تملك العديد من الأسلحة الفتاكة والصواريخ والمسيرات والأسلحة الإلكترونية والذكاء الاصطناعى، وكلها تحقق لها العديد من المزايا ونظريًا تملك العناصر اللازمة للانتصار، لكن ذلك يتوقف على مدى الصمود وحجم المقاومة الإيرانية.
هل تستطيع إيران حسم المعركة العسكرية لصالحها؟!
لحدوث ذلك تحتاج إيران إلى معجزة، فمعظم أسلحتها قديمة ومتهالكة وتعود إلى العصر السوفييتى باستثناء الصواريخ الباليستية والفرط صوتية والمسيرات.
ما يمنع إيران من تحقيق النصر الحاسم أن الغرب لن يسمح بهزيمة إسرائيل، ورأينا النفاق والعنصرية الأوروبية فى أفضل تجلياتهما حينما أعلنت كبرى الدول الأوروبية خصوصًا الثلاثى فرنسا وألمانيا وبريطانيا أنها سوف تدافع عن إسرائيل التى تخوض «دفاعًا عن النفس»! وإنها لن تسمح فى أى حال بأن تمتلك إيران برنامجًا وسلاحًا وتخصيبًا نوويًا.
العامل الأمريكى يبدو حاسمًا فى هذه المعركة.
أمريكا شريك فاعل فى هذا العدوان مثلما هى شريك فاعل فى العدوان على غزة والضفة ولبنان واليمن، وهى مارست جانبًا مهمًا فى خداع إيران حتى شنت إسرائيل عدوانها.
رئيسها ترامب لا يخفى إعجابه بالعدوان الإسرائيلى «الممتاز»، وفى نفس الوقت يقول إن الحرب لا بد أن تتوقف، ولا يمانع فى استمرارها حتى تقبل طهران بالشروط الإسرائيلية أى الاستسلام على الطريق الترامبية.
إسرائيل سوف تنتصر إذا تمكنت من استنزاف رصيد إيران من الصواريخ والمسيرات. وستحسم إسرائيل المعركة إذا أقنعت أمريكا بدخول الحرب معها، أو على الأقل تزويدها بالقذائف الخارقة للتحصينات العميقة، كى تقضى على ما تبقى من البرنامج النووى الإيرانى الموجود فى أماكن محصنة تحت الجبال فى نطنز وفوردو وبارشين.
وإيران سوف تصمد إذا كان لديها الحد الأدنى من منظومات الدفاع الجوى، وإذا كانت لديها قدرة على تعويض ما تفقده من أسلحة خصوصًا الصورايخ.
سوف تنتصر إسرائيل إذا أحرقت حقول الطاقة الإيرانية، وإيران سوف تنتصر إذا ردت بالمثل أو أغلقت مضيق هرمر، فتشتعل أسعار البترول وهنا إما أن تتدخل الدول الكبرى للضغط على الطرفين لوقف النار أو تتدخل الدول الأوروبية وأمريكا رسميًا وعلنيًا فى الصراع لمصلحة إسرائيل.
ما الذى سيحدث من كل ما سبق؟
الإجابة رهن بقدرة وإمكانيات الطرفين على القتال، والدورالأمريكى وتأثير استمرار الحرب على الاقتصاد العالمى، خصوصًا على المواطن الأمريكى الذى قد يكتشف مثلًا أن دعم ترامب لإسرائيل هو الذى سيرفع أسعار الطاقة وأسعار سلع أساسية أخرى إلى مستويات قياسية.