** هذه قصة من أغرب قصص كرة القدم فى تاريخها، فمنذ قرابة 700 عام تقام مباريات بين مدينتين وبين قريتين وبين مقاطعتين. كانت اللعبة بلا قواعد وملاعبها بلا حدود وأطلق عليها «كرة قدم الجمهور» وفى الوثائق الإنجليزية سجلت حالات وفاة وإصابات شديدة وكانت أول حادثة وفاة قد وقعت فى يوم أحد من أيام عام 1280، حيث تقول إحدى الوثائق: «إن هنرى دى إلنجتون كان يمارس رياضته المفضلة وواجهه أحد خصومه وهو ديفيد ليكين وكان يحمل سكينا فى حزامه، وعندما اصطدما طعن ليكين منافسه إلنجتون فسقط ميتا على الفور»!
** فى الخامس من مارس من كل عام تقام فى مدينة أشبورن الإنجليزية مباراة تستمر لمدة يومين، ويشارك بها الآلاف وتقام المباراة بين سكان المدينة، بتقسيمهم إلى فريقين، فريق فى أعلى نهر هنمور وفريق فى أسفل النهر وفى هذا اليوم تعلن الشرطة الإنجليزية حالة الطوارئ وتغلق المحال التجارية أبوابها، وتعطل المصالح الحكومية.
** الصحفى جيمس روبسون من وكالة أسوشيتدبرس تابع هذا العام المباراة ، وكتب تقريرا عنها: «أعلنت حالة الطوارئ فى المدينة، إنه يوم المباراة الكبرى فى كرة القدم، بين الآلاف من أهل المدينة، تُلعب بين فريقين من آلاف اللاعبين، والهدف هو «الوصول» إلى أى طرف من قطاع يبلغ طوله ثلاثة أميال (خمسة كيلومترات) والذى يمكن أن يأخذ المباراة عبر الأنهار والشوارع الرئيسية وأى شىء تقريبًا أو فى أى مكان باستثناء ساحات الكنائس والمقابر وأماكن العبادة.
** بدأت المباراة بحفل افتتاح فى ساحة انتظار سيارات، فى وسط المدينة. وذلك بغناء النشيد الوطنى وجرى تذكير المتنافسين: «تلعب اللعبة على مسئوليتك الخاصة».. وتنطلق المباراة حين تلقى كرة جلدية، كبيرة الحجم، محشوة بالفلين ومطلية بشكل مزخرف..تُرمى الكرة عاليا فوق حشد من اللاعبين الذين يحاولون الوصول إليها خلال المباراة حيث يحاول كل فريق حملها نحو هدفه المطلوب. القواعد محدودة ولكن «لا قتل»، نعم ممنوع القتل هى أهم القواعد وكان ذلك شرطًا مبكرًا للمباراة التى يعود تاريخها إلى القرن السابع عشرعلى الأقل. ويرتدى اللاعبون ملابسهم الخاصة، بدلاً من الزى الرسمى المتطابق. وفى يوم الثلاثاء من هذا العام الذى وافق الخامس من مارس، استغرق الأمر أكثر من 45 دقيقة لتحريك الكرة خارج ساحة انتظار السيارات.
** يقول مارك هاريسون، الذى «سجل» هدفًا فى عام 1986 وهو أحد أجيال متعددة من الهدافين فى عائلته، إن اللاعبين الجيدين بحاجة إلى أن يكونوا «أقوياء وعدوانيين وحازمين». والمباراة مصدر فخر كبير لشعب أشبورن فى منطقة بيك ديستريكت فى ديربيشاير.
** فى أى يوم آخر، تكون أشبورن، التى تبعد حوالى ثلاث ساعات بالسيارة عن لندن، هادئة وخلابة مع شارع رئيسى تصطف على جانبيه متاجر التحف والمقاهى والحانات التقليدية. ومن بين الزوار المتنزهون وراكبو الدراجات. لكن فى يوم المباراة تعلق لافتة على الطريق لتحذير سائقى السيارات من مباراة كرة القدم، وتجرى المحال عمليات حماية بتثبيت ألواح خشبية كبيرة لحماية واجهات المتاجر. ويتم تحصين الأبواب. وتوضع لافتات تعلن هذه «منطقة اللعب» على أعمدة الإنارة، لتحذير سائقى السيارات من عدم ركن سياراتهم هناك خوفًا من إتلاف المركبات، والتى يمكن دفعها بعيدًا عن الطريق بقوة جحافل اللاعبين الذين يحاولون تحريك الكرة.
** وعلى النقيض من ذلك، تنتشر الأعلام الملونة عاليا من مبنى إلى مبنى ويتجمع المحتفلون ويأكلون ويشربون كما لو كانوا فى حفلة فى الشارع. ويراقب الآباء والأمهات الذين لديهم أطفال من مسافة آمنة. يقف المتفرجون على الصناديق والجدران ومقاعد الحديقة، ويمددون أعناقهم للنظر إلى الشوارع والأزقة لمحاولة الحصول على رؤية أفضل.
ويقول جيمس روبسون فى وقت لاحق من ذلك اليوم، لم يكن هناك أى أثر للكرة لمدة ساعتين تقريبًا حتى بدأت الشائعات تنتشر بأن أحد الفريقين فريق سجل هدفا، وهو ما تبين أنه الهدف الوحيد على مدى يومين!