إلى أولئك الذين ينوون أو يعتزمون احتراف مهنة سرقة واختلاس أموال الدولة أو التربح من مناصبهم فى المستقبل.. احذروا.
مناسبة الكلام هى اعادة فتح ملفات وقضايا حسن حمدى وإبراهيم نافع والتحفظ على أموال وممتلكات سمير رجب وربما هناك آخرون قادمون فى الطريق.
فى وقت من الأوقات كان إبراهيم نافع ملكا متوجا ليس على عرش مؤسسة الأهرام فقط ولكن نفوذه فاق نفوذ وزراء كثيرين، وفى هذا الوقت كان حسن حمدى يشبه قارون الذى يملك خزائن الأرض، وبالمثل كان نفوذ سمير رجب في مؤسسة دار التحرير.
حتى هذه اللحظة لا أستطيع أن أدين هؤلاء قضائيا لأنهم مايزالون رهن التحقيق، لكن نحن نتحدث هنا عن الادانة السياسية وعن الفساد الذى يجعل مسئولا يعتقد أن يد العدالة لن تصل إليه.
يسأل المرء نفسه: إذا كان مرتبك 600 ألف جنيه شهريا «نعم ستمائة ألف جنيه»، فما الذى يجعلك تختلس وتسرق، وما الذى يمنعك أن تدفع الضرائب على هذه الأموال الطائلة؟!.
إذا كنت تملك المليارات فما الذى يدفعك للتحايل وتأسيس شركة باسم أولادك تتعامل بالأمر المباشر مع المؤسسة التى ترأسها؟!.
إذا كنت تملك الملايين فما الذى يجعلك «تتباخل» وتدهن شقة منزلك على حساب المؤسسة التى تعمل بها، رغم أن الأمر قد لا يكلفك حوالى 10 آلاف جنيه مثلا!.
أمثال هؤلاء يعتقدون وهم فى كامل سلطانهم ونفوذهم أنهم مخلدون وأن السلطة ستظل معهم، وعندما يسقطون يكون كل شىء قد ضاع.
سألت كثيرين: ما قيمة أن يكون معك كل مال العالم لكنك مسجون بتهمة تمس شرفك، ماذا ستفعل لك ملايينك أو ملياراتك فى السجن؟!.
سألت بعض الأصدقاء جادا: هل تفضل أن يكون معك مليار جنيه وتدخل السجن؟! .
معظمهم قال لا، لكن احدهم يظن أن المال يمكنه فعل أى شىء.
قلت لهذا الشخص وماذا فعلت المليارات لهشام طلعت مصطفى وأحمد عز وحبيب العادلى وأمثالهم؟!.
الإنسان العاقل والسوى يتنازل عن كل ما يملك كى يكون حرا، أن تعود إلى بيتك ليلا وأن تذهب إلى أى مكان فى أى وقت تريد امر يساوى كل كنوز الدنيا، لأنك لو امتلكت كل هذه الكنوز وأنت مقيد الحرية، فما قيمتها؟.
الرسالة البسيطة موجهة إلى كل شخص مايزال يعتقد أنه يمكن أن يرتكب أى جريمة ويفلت من العقاب.
إلى هؤلاء تذكروا أن الدنيا لا تدوم لأحد، لو أن المسألة فقط تتعلق بالسلطة والنفوذ ما سقط حسنى مبارك وما قبع فى السجن، وما سقط قبله احد من الطغاة والفاسدين منذ فرعون مصر وحتى آخر حرامى غسيل وقع فى قبضة العدالة مؤخرا.
هذه الكلمات ليست موجهة لأولئك الذين سقطوا بل لأولئك الذين يمكن أن يسقطوا فى براثن الفساد.
هؤلاء فى السلطة الآن ويعتقدون أنهم بمنأى عن المحاسبة، ولن يقترب منهم أحد.. نقول لهم: فكروا بهدوء سيأتى وقت تزول سلطتكم وستجدون أنفسكم رهن التحقيق والحبس، وحتى لو افلتم بجريمتكم فإن السمعة السيئة ستظل تطارد أقاربكم وتاريخكم طوال العمر.
أعلم أن الوعظ لا يكفى وحده لمنع الناس من ارتكاب جرائمهم، لأنه لو كان ينفع وحده لتحول الناس إلى ملائكة بعد توقيع أول عقاب على أول جريمة حدثت فى التاريخ.
أعلم أن الله يذع بالسلطان وليس بالقرآن.
ضعفاء النفس والضمير لن يردعهم الوعظ والنصح، يردعهم فقط قانون عادل وحازم وباتر. لكن قليلا من الوعظ والعبر قد يجعل أى لص محتمل يفكر كثيرا قبل ارتكاب جريمته.