لماذا لم ترسلوا المشجعين؟ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:55 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لماذا لم ترسلوا المشجعين؟

نشر فى : الثلاثاء 19 يونيو 2018 - 8:55 م | آخر تحديث : الثلاثاء 19 يونيو 2018 - 8:55 م

ما هى المشكلة أن يسافر أى شخص إلى روسيا ويقيم فى أى فندق، ويحضر مباريات المنتخب القومى لكرة القدم فى نهائيات مونديال روسيا؟!.

طبعا لا توجد أى مشكلة، بل هو شعور وطنى جارف أن يسافر أى مصرى ويشجع منتخب بلاده فى هذه المباريات؟!.
إذا لماذا هذه الضجة التى صاحبت سفر مجموعة من الشخصيات العامة إلى روسيا هذه الأيام؟!.

الإجابة ببساطة لأن هناك أخطاء فادحة وقع فيها الكثيرون، وأساءت إلى الجميع، والنتيجة أن الرأى العام استشاط غضبا، وهو يرى مشاهد ظن أنها انتهت، خصوصا أنها تزامنت مع رفع أسعار الوقود والكهرباء ودعوة المواطنين إلى التقشف!.

يحق لأى شخصية عامة أن تسافر، طالما أن ذلك على حسابها الخاص، ويحق لها أن تنزل فى أى فندق تشاء، ويحق لأى شركات خاصة، أن تستضيف وتدفع نفقات وتذاكر سفر وإقامة أى عدد من الشخصيات العامة، طالما أن ذلك يدخل فى باب الدعاية لنفسها، أى الترويج لمنتجاتها، حيث إن ذلك لن يكلف دافع الضرائب أى مليم.

لكن حينما تفعل ذلك شركة بها حصة ــ حتى لو كانت بسيطة ــ من المال العام، فالأمر كان يستلزم التفكير فى الموضوع من كل الزوايا؟!.

الحكومة سربت أخبارا مساء الإثنين الماضي بأن سفر الشخصيات العامة من نواب وإعلاميين وفنانين لم يكن على حسابها، لكن السؤال الجوهرى هو: هل يحق لشركة يساهم فيها المال العام أن تتحمل نفقات هذا الوفد؟!!.

قبل الإجابة ألفت النظر إلى أننى عرفت أن هناك بعض الشخصيات العامة سافرت على حسابها الخاص بالفعل، ولم تحمّل ميزانية الدولة أو ميزانية أى شركة مليما واحدا.

وبالتالى فالحديث فى هذه السطور منصب على نقد سلوك قيام شركة عامة بتحمل نفقات باهظة، لا نعرف ما هو العائد من ورائها!.

صديق عزيز ورياضى كبير قال لى لو أن الشركة قررت أن تقوم بتسفير العملاء المميزين فيها، لكان ذلك أصوب لها وتشجيعا لعملائها. ولو أنها قررت أن تستضيف كبار النجوم الرياضيين لتشجيع المنتخب فربما كانت الخطوة مفهومة، ولو أنها سفرت كبار المشجعين المحترفين لتحفيز اللاعبين لكان ذلك أفضل مليون مرة. ولو أن الشركة استضافت فنانين للقيام بحملة إعلانية للشركة ــ كما حدث فعلا ــ فهذا أمر منطقى ويدخل فى إطار ميزانية الإعلان والترويج وتفعله معظم الشركات المنافسة، بل وشركات المياه الغازية والبنوك وسائر المنشآت الكبرى.

لكن الذى حدث كان خطأ فادحا بكل المقاييس، وضرره أكثر من نفعه بمراحل.

يكفى أن السوشيال ميديا قد نست مباريات الفريق، ولم تعد تركز إلا على صور ومشاهد هذه الشخصيات العامة فى الفندق أو أثناء تدريب المنتخب، وقد يتم تحميلهم ــ لا قدر الله ــ مسئولية أى إخفاق للمنتخب، بحجة أنهم لم يدعوه يركز فى التمرينات!.

أخشى أن يقول شخص وهل سنصبح تحت رحمة وسائل التواصل الاجتماعى؟!. الأكثر منطقية أن هذه الوسائل ليست على خطأ دائما، بل تعبر بالفعل فى مرات كثيرة عن نبض الرأى العام.

الذى اتخذ قرار سفر هذه الشخصيات العامة، بهذا الحجم، لم يقرأ المشهد السياسى جيدا. ببساطة استغله المحبطون والمعارضون والمتربصون. وبعضهم وجدها فرصة ليسأل: كيف تقنعون الناس بالتقشف بعد رفع أسعار الوقود، فى حين أن أموالا عامة يتم إنفاقها بهذا الشكل؟!.

للأسف الشديد لا يمكن أن نلومهم على ذلك، بل نلوم من أعطى لهم الفرصة. والأسوأ أن العقلية التى كادت «أن تلبسنا فى الحيط» أثناء أزمة مباراة الجزائر فى نوفمبر 2009، هى نفس العقلية التى تكررت فى روسيا قبل أيام، بل وربما بشخصيات مكررة، قال كثيرون إن هناك رغبة لإعادة إحيائها، بعد أن ظن كثيرون أنها انتهى زمنها!!.

ورغم ذلك لا ألوم الشخصيات التى تم دعوتها، فمعظمها لديه اقتناع أنه يشجع منتخب بلاده، لكن اللوم الفعلى يقع على كاهل من اتخذ قرار السفر، ولم يفكر فى التداعيات والعواقب، وهو ما يذكرنا مرة أخرى بالمرض المزمن الذى نعانى منه واسمه «سوء ورداءة الإخراج»!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي