بواعث القلق الإسرائيلى من احتمالات التقارب الأمريكى ــــ الإيرانى - العالم يفكر - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 7:01 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بواعث القلق الإسرائيلى من احتمالات التقارب الأمريكى ــــ الإيرانى

نشر فى : السبت 19 أكتوبر 2013 - 9:50 ص | آخر تحديث : السبت 19 أكتوبر 2013 - 9:55 ص

أعدت وحدة تحليل السياسات بالمركز العربى للأبحاث ودراسات السياسات تقريرا بعنوان «بواعث القلق الإسرائيلى من احتمالات التقارب الأمريكى ــ الإيرانى»، نُشر على الموقع الإلكترونى للمركز. يحاول تحليل القلق الإسرائيلى من التقارب الأمريكى ــ الإيرانى.

جاء فى بداية المقال، إن العلاقات الأمريكية ــ الإيرانية تشهد انفراجة منذ تولى الرئيس الإيرانى حسن روحانى مقاليد الحكم بعد نحو أربعة وثلاثين عاما من العداء. ويحمل هذا الانفراج بين ثناياه ــ فى حال نجاحه ــ إمكانية حدوث تغيّر نوعى فى العلاقات بين البلدين.

•••

إن الخطاب الإيرانى الجديد وتجاوب الولايات المتحدة والدول الغربية معه يعتبر مبعث قلق شديد فى إسرائيل. حيث تخشى إسرائيل أن يؤدى الانفراج فى العلاقات بين إيران والولايات المتحدة إلى إحداث تغيير استراتيجى فى المنطقة من شأنه إلحاق الضرر بمكانتها ودورها، وفى الوقت نفسه يعزز مكانة إيران بوصفها دولة إقليمية ذات نفوذ واسع فى الشرق الأوسط. وهناك قلق إسرائيلى حقيقى من أن يؤدى الانفراج فى العلاقات الإيرانية ــ الأمريكية إلى:

أولا، إنهاء عزلة إيران الدولية وتحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة والدول الغربية.

ثانيا، تقليص العقوبات الاقتصادية الدولية ضد إيران تدريجيا، فى إطار خطوات عملية لإعادة بناء الثقة بين الغرب وإيران، قبل التوصل إلى اتفاق شامل بشأن الملف النووى الإيرانى، ما يعزز قدرة إيران فى عملية المفاوضات بشأن برنامجها النووى.

ثالثا، تخوف إسرائيل من أن تتوصل الولايات المتحدة إلى اتفاق شامل بشأن الملف النووى الإيرانى وملفات الصراع الأخرى فى المنطقة، دون إجراء التنسيق الكامل مع إسرائيل، دون أن يكون لديها القدرة على التأثير فى مضمون هذا الاتفاق ومكوناته.

رابعا، على الرغم من أن الولايات المتحدة وإسرائيل متفقتان اتفاقا كاملا على منع إيران من إنتاج السلاح النووى، فإن هناك خلافات حقيقية بينهما. ففى حين تقر الولايات المتحدة مثلا بحق إيران فى تخصيب اليورانيوم لأغراض مدنية سلمية كما جاء فى خطاب الرئيس أوباما فى الجمعية العامة للأمم المتحدة، فإن إسرائيل تعارض ذلك بشدة. وهناك اعتقاد سائد فى إسرائيل أنه جرى تنسيق مسبق بين الإدارة الأمريكية والرئيس روحانى بشأن حق إيران فى تخصيب اليورانيوم المعد لأغراض مدنية، وكذلك حقها فى تطوير مشروعها النووى السلمى شرط إخضاعه للرقابة والشفافية.

ومن ناحية أخرى، يؤكد التقرير، على تخوف إسرائيل أن يؤدى تمسك أوباما بالحل الدبلوماسى، وكذلك تعب الغرب بشكل عام والشعب الأمريكى بشكل خاص من الحروب، إلى توصل الولايات المتحدة إلى اتفاق «سيئ» ــ بالنسبة إلى إسرائيل ــ مع إيران بشأن ملفها النووى، يحفظ لإيران القدرة على أن تتحول خلال فترة قصيرة إلى دولة قادرة على إنتاج السلاح النووى. وهذا ما ترفضه إسرائيل بشدة؛ فهى تفضل استمرار الوضع القائم حاليا الذى يشمل استمرار فرض العقوبات على إيران وحصارها ومواجهتها.

•••

إن بنيامين نتنياهو سارع إلى التأكيد فى تصريحاته المختلفة وفى خطابه الأخير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أن أى اتفاق بين الإدارة الأمريكية وإيران يتعين أن يضع حدا للمشروع النووى الإيرانى، وأن يشمل ذلك:

أولا: وقف جميع أنواع تخصيب اليورانيوم، وقفا كاملا.

ثانيا: إغلاق منشأة فوردو التى يجرى فيها تخصيب اليورانيوم فى أعماق الأرض، وتفكيك أجهزة الطرد المركزى المتطورة وإزالتها، والتى كانت قد أدخلت مؤخرا إلى منشأة نتانز.

ثالثا: إخراج كل أنواع اليورانيوم المخصّب من إيران إلى دولة ثالثة.

رابعا: إغلاق منشأة المياه الثقيلة فى آراك، والتى تطور إيران فيها مسارا جديدا ومختلفا لإنتاج سلاح نووى يعتمد على البلوتونيوم وليس على تخصيب اليورانيوم.

•••

وبخلاف الاتجاه العام السائد فى الولايات المتحدة، حيث أظهرت استطلاعات الرأى العام أن 75 فى المائة من الأمريكيين يؤيدون حلا دبلوماسيا للملف النووى الإيرانى، هدد نتنياهو فى الخطاب نفسه باستعمال القوة العسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية. وأعلن بشكل صريح أن «إسرائيل لن تسمح لإيران بامتلاك السلاح النووى» وأنها ستعمل وحدها، إن اقتضت الضرورة، لمنع إيران من إنتاج السلاح النووى.

لم يوضح نتنياهو فى خطابه هذه المرة الخط الأحمر الذى إذا ما تعداه المشروع النووى الإيرانى فسوف يتعين على إسرائيل القيام بضربه، فهل هو اقتراب إيران بدرجة كبيرة من القدرة على إنتاج السلاح النووي؟ أم توصلها فعلا إلى القدرة على إنتاجه؟ أم هو اتخاذ إيران قرار إنتاج السلاح النووى بعد امتلاكها قدرة إنتاجه؟ ويبدو أن تهديد نتنياهو باستعمال القوة العسكرية الإسرائيلية ضد المشروع النووى الإيرانى يعبر عن المأزق الذى وجدت إسرائيل نفسها فيه فى مواجهة المقاربة الإيرانية الجديدة تحت قيادة روحانى. وعلى الرغم من أن هذه التهديدات تفتقر إلى الجدية لا سيما مع انطلاق المفاوضات التى ستجريها الولايات المتحدة والدول العظمى مع إيران، والتى من المتوقع أن تستمر شهورا طويلة، فإن نتنياهو يهدف من ورائها إلى إبقاء الملف النووى الإيرانى على قمة الأجندة الدولية وإلى الضغط على الإدارة الأمريكية والدول الغربية للإبقاء على العقوبات الاقتصادية ضد إيران.

ويختتم التقرير، بأنه إذا تمكنت إيران من إنتاج السلاح النووى، فإنها لن تشكل خطرا وجوديا بالنسبة إلى إسرائيل؛ فإسرائيل تمتلك ترسانة ضخمة تقدر بالمئات من مختلف القنابل النووية والهيدروجينية والنيوترونية، وفقا للعديد من المصادر الأجنبية. وهى تمتلك أيضا جميع مقومات «الردع»، أى امتصاص الضربة الأولى فى حال وقوعها، وتوجيه الضربة النووية الثانية بفضل الغواصات الحديثة التى حصلت عليها من ألمانيا فى العقد الأخير. لذلك، من الواضح أنّ نتنياهو، فى سياق تصديه للمشروع النووى الإيرانى، لا يدافع عن وجود إسرائيل كما ادّعى فى خطابه، وإنما يدافع عن استمرار احتكار إسرائيل للسلاح النووى، والذى بات جزءا من عقيدتها الأمنية ومن استراتيجيتها الرامية إلى بسط نفوذها على المنطقة واستمرار احتلالها للأراضى الفلسطينية بغرض تهويدها وضم معظمها إليها.

التعليقات