سألت السفير الفرنسى فى القاهرة ستيفان روماتيه أن يعطى درجة من واحد إلى عشرة لتقييم العلاقات المصرية الفرنسية، فأجاب بسرعة، مع ابتسامة واسعة، أنها عشرة من عشرة. ظنى أنه لا توجد علاقات مثالية كاملة بين أى دولتين، لكن شعرت أن السفير يريد التعبير عن أن العلاقات جيدة للغاية.
السفير زارنى فى جريدة «الشروق» فى السابع من فبراير الحالى، ورأيه أن العلاقات بين البلدين فى أفضل أحوالها، وأن بلاده ترى فى مصر شريكا أساسيا لها فى كل قضايا المنطقة خصوصا فى ليبيا وسوريا واليمن وإفريقيا إضافة لعملية السلام. وهو يضيف أن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى باريس فى أكتوبر الماضى، والأريحية التى تمت فى إطارها والعلاقات الشخصية التى نشأت مع الرئيس ماكرون أضافت بعدا جديدا للعلاقات المتميزة.
السفير يرى أن مصر تستعيد استقرارها، والمنطقة كلها فى حاجة إلى وجود مصر المستقرة، وهذا الاستقرار سيؤدى إلى استعادة الدور الريادى لمصر، الذى سيعجل باستعادة الأمن للإقليم بأكمله، كما أنها تلعب دورا مهما فى إفريقيا.
سألت السفير: هل يمكن أن تلعب فرنسا دورا فى تسهيل حل مشكلة سد النهضة الإثيوبى؟!.
روماتيه قال لى: «هناك نقاشات فرنسية مصرية بشأن الأزمة، وإذا ما طلب منا أن نلعب دورا فسوف نلعبه». أضاف أن لنا علاقات جيدة أيضا مع إثيوبيا والسودان. ونؤمن أن لمصر حقا مشروعا فى المياه يتعين الاعتراف به، ومن حق مصر أيضا الحفاظ على حقوقها المائية، ومن واجب بقية الأطراف الحفاظ على هذه المعطيات. وأن الاجتماع الثلاثى الأخير بين السيسى والبشير وديسالين فى أديس أبابا كان مهما، مشيدا بالدبلوماسية المصرية فى هذا الملف.
وفيما يتعلق بالازمة الليبية، فإن السفير الفرنسى يرى أنه إذا لم يتم تحقيق تقدم خلال الأشهر القليلة المقبلة، فإن الأزمة ستتفاقم. هو يرى أن هناك فرصة، والأمور تسير فى اتجاه الحل، خصوصا أن هناك حالة من الإنهاك أصابت غالبية الأطراف، وغالبية الشعب ترغب فى استعادة الاستقرار، إضافة للجهود التى يبذلها المبعوث الدولى غسان سلامة.
فى تقدير روماتيه فإن الموقف الفرنسى من ليبيا صار أكثر قربا من الموقف المصرى، بعد انتخاب ماكرون، وصارت فرنسا تحرص على التحاور مع جميع أطراف الأزمة بمن فيهم المشير خليفة حفتر وهدفنا التصدى للإرهاب الذى يهدد الأمن الأوروبى، وكذلك الهجرة غير الشرعية.
بالنسبة للأزمة السورية فإن السفير الفرنسى يقول إنه لا حل دائم إذا استمرت التدخلات الأجنبية. إضافة إلى الدول التى تستخدم الأزمة لتوسيع نفوذها الإقليمى مثل إيران عبر ميلشياتها، كما أن فرنسا قلقة من العمليات التركية فى غرب سوريا ورغبتها فى حل الأزمة الكردية على الأراضى السورية.
فى حين أن تواجد «الجماعات الجهادية والإرهابية» وتناميها يهدد بتفكك سوريا والحل لكل ذلك يجب أن يكون سياسيا، لكنه لا يمكن أن يكون بالشكل الذى تعرضه روسيا وإيران، بل عبر تسوية ترتكز على ثلاثة عناصر هى عملية انتقالية لا تقصى أحدا وثانيا الحاجة لمؤسسات ودستور جديد وثالثا إعادة إعمار سوريا سياسيا، وخفض التوتر العسكرى على الأرض، وأن تستعيد الأمم المتحدة زمام الأمور. وإذا كانت فرنسا تقر بمصالح لروسيا فى سوريا، فلا يعنى ذلك أن تقرر بمفردها مصير هذا البلد.
السفير الفرنسى يقول إن البعض يعتقد أن المسألة الإرهابية قد انتهت بدحر داعش، لكن هناك «مجموعات جهادية» تظهر وتتنامى فى سوريا ومناطق أخرى، وبالتالى يجب التحلى بالحذر دائما. هو يرى أن قهر داعش مسألة مهمة للغاية لأمن أوروبا، وبالتالى يصعب تخيل دور غربى فى تغذية هذه المنظمة الإرهابية.
زيارة السفير استغرقت أكثر من ساعة ونصف الساعة، وكان بصحبته الملحق الصحفى اويليون شوفيير، والمستشار الإعلامى للسفارة أحمد فاضل، إضافة إلى المترجم الخاص. هو قال لى إنه يتابع «الشروق»، كما أنه يتابع هذا المقال بصورة يومية منتظمة. تحدثنا بصورة عامة عن أوضاع المنطقة وكذلك أحوال الصحافة المصرية والفرنسية فى ظل الأزمات الاقتصادية، والتهديد الذى تتعرض له الصحافة المطبوعة فى ظل تنامى الصحافة الإلكترونية.