نقطة انقلاب فى واشنطن - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 5:38 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نقطة انقلاب فى واشنطن

نشر فى : الأربعاء 20 مارس 2024 - 7:40 م | آخر تحديث : الأربعاء 20 مارس 2024 - 7:40 م

نشرت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية مقالًا للكاتب مأمون فندى، يصف فيه خطاب تشك شومر بشأن الوضع السياسى فى إسرائيل بأنه انقلاب ثورى فى الموقف الأمريكى، خاصة إنه جاء من يهودى لطالما مثل مصالح إسرائيل وكان عمود خيمة اليهود بواشنطن. أكد كاتب المقال ضرورة استغلال هذا التحول الجذرى ليقابله توحد فى المسار الفلسطينى، الذى سيستتبعه بكل تأكيد تأييد من الدول العربية.. نعرض من المقال ما يلى:
وعدتُ بأن أكمل حديث غزة والأمن الإقليمى، لكن ثمة حدثًا جديرًا بالتعليق فى واشنطن، متمثلًا فى كلمة السيناتور الديمقراطى تشارلز (تشك) شومر، لا بد من التوقف عنده؛ حيث يمثل ما هو معروف فى علم السياسة بنقطة الانقلاب أو التحول (tipping point).
تشك شومر هو عميد أعضاء الكونجرس عن ولاية نيويورك؛ إذ خدم فى مجلس النواب الأمريكى منذ عام 1981، نائبًا عن الدائرة السادسة عشرة، ثم الدائرة العاشرة، حتى عام 1999، ثم انتقل إلى مجلس الشيوخ ممثلًا لنيويورك منذ عام 1999 حتى الآن. ويعد تشك شومر من أكثر مؤيدى إسرائيل فى الكونجرس خلال أربعة عقود، ودونما مواربة؛ خصوصًا أنه يهودى ويدافع عن يهوديته بوضوح لا لبس فيه.
حديث شومر الطويل من فوق منصة مجلس الشيوخ، الذى دعا فيه الجانب الإسرائيلى إلى انتخابات جديدة، والتخلى عن حكومة نتنياهو المتطرفة، كان بمثابة زلزال وصلت هزاته من واشنطن إلى تل أبيب، واستدعى ردودًا عاجلة من إسرائيل ومن كل أنصار اللوبى الإسرائيلى فى واشنطن وخارجها. وشومر هو قائد الأغلبية فى مجلس الشيوخ، وعمود خيمة اليهود فى واشنطن، والحارس الأمين لمصالح إسرائيل فى مجلسى النواب والشيوخ، ومع ذلك هو الرجل ذاته الذى اتهم نتنياهو بأنه حوَّل إسرائيل إلى دولة مارقة فى نظر العالم، وأن حكومته لم تعد تعمل لصالح إسرائيل؛ بل لصالح فئة متطرفة فى المجتمع الإسرائيلى.
هذه الكلمات ــ بالنسبة لى بوصفى دارسًا لواشنطن ومعايشا لسياستها ــ تمثل نقطة فارقة فى العلاقات الإسرائيلية الأمريكية، ولم أسمع هذا النوع من النقد لإسرائيل فى واشنطن، ومن يهود، منذ عقود مضت.
وهذه نقطة تحول كبرى أوصلت الرئيس الأمريكى جو بايدن إلى أن يقول إنه طلب من نتنياهو أن يواجه المسيح (come to Jesus moment)، وهو تعبير أمريكى يعنى أن يواجه الإنسان الحقيقة، ويدرك ضرورة الحاجة إلى تغيير المسار والمنهج.
ربما لم يعلن بايدن حتى الآن المطالبة بتغيير حكومة نتنياهو، ولم يأمر إسرائيل بإيقاف الحرب، وهو قادر على ذلك لأسباب انتخابية، لكن بعد حديث تشك شومر الذى أرى أنه كان منسقًا مع بايدن، سيجد الرئيس الأمريكى الشجاعة فى أن يقول ذلك.
لقد أحدثت سياسة الإبادة الجماعية والتجويع التى تبنتها حكومة إسرائيل المتطرفة، تحولًا فى الرأى العام العالمى تجاه الحق الفلسطينى، ولم أكن أتصور أبدًا أن هذا التحول يحدث فى واشنطن، قلب قلعة اللوبى الإسرائيلى الحصينة.
كنت أتصور مقالًا من توماس فريدمان، أو تقريرًا فى مجلة «ذا نيشان» (مجلة اليسار اليهودى الأمريكى)، لكن لم أكن لأتصور أن تشك شومر ينتقد إسرائيل فى يوم من الأيام. ومن هنا أقول إنها نقطة تحول جذرية فى واشنطن، ستؤدى حتمًا إلى لحظة تغير المسار، أو «لحظة مواجهة المسيح»، كما قال جو بايدن.
السياسة فى نهاية المطاف لا تصنعها أروقة الدبلوماسية؛ بل إن مادتها الخام تُصنع فى الميدان، ثم تحولها الدبلوماسية أو تترجمها إلى عمل سياسى. ولولا صمود المقاومة الفلسطينية على الأرض لما تحول تشك شومر.
السؤال الآن هو: كيف يترجم الجانب الفلسطينى هذا التحول، وينقله إلى مستوى جديد من الخيال السياسي؟ حتى اللحظة، هناك فجوة بين السلوك السياسى فى رام الله وطبيعة الميدان فى غزة، ومن قرأ التصريحات القادمة من رام الله يدرك أن السلطة ما زالت «على قديمه» كما نقول فى مصر.
لكى يكون التحول فى واشنطن أو نقطة الانقلاب التى تمثلت فى خطاب شومر، فعالة، لصالح الحق الفلسطينى، لا بد من أن يقابلها تحول فلسطينى.
ليس نتنياهو وحده المطالب بتغيير المسار وإدراك لحظة الحقيقة ومواجهة المسيح؛ بل إن على محمود عباس الوصول أيضًا إلى لحظة المواجهة مع المسيح، وإدراك معنى اللحظة، ويغير المسار.
فقط؛ عندما يغير الفلسطينيون المسار، فسيساعدون دولًا عربية أخرى لمساندتهم والوقوف إلى جانبهم، لترجمة الواقع الميدانى إلى عمل سياسى. أما حالة النرجسية وضيق الأفق والتركيز على المصالح الضيقة، فهى كارثة فلسطين منذ النكبة الأولى.

النص الأصلى:
https://bitly.ws/3gjUC

التعليقات