نشرت جريدة الاتحاد الإماراتية مقالا للكاتب «محمد عارف»، وجاء فيه ما يلى.
إضافة نظرية المؤامرة، وهى كما يبدو أكثر من نظرية، لتفسير وباء فيروس «كورونا»، لن يُسهل فهم المأساة العالمية، التى تزداد مع الأيام تعقيدا، علميا وسياسيا وفلسفيا. ولا يقين حتى بصدد مصدر الفيروس، حيوانيا هو أم مختبريا، وهل نشأ فعلا فى سوق الحيوانات بمدينة «يوهان» فى الصين، أم فى مختبر عسكرى أمريكى كما يدّعى علماء بيولوجيون صينيون، أضفى مصداقية على ادعائهم جواب ملتبس من «روبرت ردفيلد»، مدير مركز «السيطرة والوقاية من الأمراض» فى واشنطن؟.. و«جائحة كورونا» كما تُسّمى الآن «منظمة الصحة العالمية» الوباء، ليس بسبب حجمه، بل لانتشاره فى 162 دولة، وتجاوز عدد الإصابات 185 ألفا، والوفيات أكثر من سبعة آلاف، والمتعافين نحو 80 ألفا. ورجّح عالم أوبئة فى «جامعة كولومبيا» عدد المصابين فى الولايات المتحدة عشرة أضعاف التقدير الرسمى 3500. والمفارقة أن الصين، أكثر بلد مصاب بالوباء، تبثُّ الآن العزم والتفاؤل، حدّ أن الرئيس ترامب أشاد بها فى مؤتمره الصحفى. وفيما تراجعت أعداد الإصابات والوفيات فى الصين، حدثت قفزات انفجارية فى إيطاليا، وإيران، وإسبانيا، وكوريا الجنوبية، وألمانيا، وفرنسا، وسويسرا، وبريطانيا.
والرئيس الأمريكى، الذى يكرر استخدام عبارة لا يُصّدق (incredible) انقلب على نفسه بشكل لا يُصّدق، من إنكار خطر الوباء إلى إعلان حالة الطوارئ، والتأكيد ليس على خطورته فحسب، بل على خطورة ما يعقبه أيضا. وقد ارتجل ترامب الفكرة، فى لحظة تجلٍ خلال مؤتمره الصحفى الجمعة الماضى، وأخذ يطورها، حتى الإعلان يوم الاثنين عن حظر الاجتماعات لأكثر من عشرة أشخاص، وإغلاق المدارس، وفرض قيود على السفر، وارتياد الحانات والمطاعم. وسارعت 49 ولاية أمريكية لإصدار تشريعات تُقرّ موازنات لدعم السكان، ورعاية الأطفال، وتوفير وجبات الطعام للطلاب الذين لا يستطيع آباؤهم التوقف عن العمل.. فهل هذه هى الاشتراكية، كما توقعها الكاتب الأمريكى «فرهاد مانجو» فى مقالته «كل شخص اشتراكى وقت الجائحة»، وأشار فيها إلى «موكب الشركات الأمريكية التى كانت تناهض تقديم دعم إنسانى وضرورى لعمالها، وقد غيّرت بشكل مفاجئ تفكيرها، وأعلنت عن خطط دعم وحماية للمتضررين بالفيروس». وتحدث اشتراكية لا تُصّدق حقا فى أمريكا، عقب «الانهيار التاريخى فى أسواق الأسهم العالمية التى ستعجل بنهاية مشروع العولمة الأمريكية». ذكر ذلك المحلل الروسى «ألكساندر نزاروف» فى مقالة عنوانها «باى باى أمريكا.. سنفتقدك». تتضمن المقالة إحصائيات وأرقاما كثيرة، بينها «مؤشر مرعب» لمصير تريليون ونصف التريليون دولار، ضخّها البنك المركزى الأمريكى أخيرا لوقف انهيار الأسواق، اختفت خلال نصف ساعة فقط»!.
وفى روما يتصرف الناس كالرومان، يغنون ويعزفون فى شرفات ونوافذ منازلهم المحجورين فيها بأمر الحكومة، ويستخدمون تشكيلة مدهشة من آلات عزف مهنية كالغيتار، والأكورديون، وأدوات غير مهنية كالصحون وأوانى الطبخ. وكما فى البلدان الاشتركية سابقا، شَحّت السلع الضرورية، وتقنن بيعها حتى فى أكبر حوانيت البيع فى نيويورك. ومشاهد لا تُصّدق لاختفاء السلع الاستهلاكية فى رفوف حوانيت العواصم الغربية، والتخاصم بين جمهور الأسواق على أوراق التواليت فى حوانيت نيويورك وباريس ولندن واستكهولم، رغم أن النصائح الصحية تؤكد فقط على عدم لمس الوجه، والأنف والفم! وأبدع الناس حتى فى البلدان العربية أغانى ونكات ممتعة، تبادلوها عبر الإنترنت وأرفقوها بيافطات رسوم جاهزة «موجي». ومهما بلغ ألمك، ستضحك من نكتة عراقية تصور طبيبا يقرأ نتائج فحص مريضة عجوز، ويقول لها: «مصابة بالتدرن وعجز بالقلب وسرطان بالرئة»، وتسأل المريضة: وكورونا؟ يجيب الطبيب: لا. فترد المريضة: الله يبشرك بالخير دكتور!