الأرض بتتكلم صينى - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 7:01 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأرض بتتكلم صينى

نشر فى : الجمعة 22 يناير 2016 - 11:25 م | آخر تحديث : الجمعة 22 يناير 2016 - 11:25 م
طوال الايام الماضية كانت الأعلام والرموز واللغة الصينية فى مناطق كثيرة فى مصر، خصوصا منطقة وسط البلد؛ حيث نزل الرئيس الصينى شين جين بينج فى جاردن سيتى أو قصر عابدين أو فى قصر القبة، حيث عقد القمة مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، وكذلك الطريق إلى مطار القاهرة.
عصر الخميس سافرت إلى الاقصر بدعوة كريمة من الصديق حلمى النمنم وزير الثقافة ضمن وفد ضم عددا من رؤساء تحرير ورؤساء مجالس إدارات الصحف وكبار مقدمى البرامج التليفزيونية لحضور حفل الافتتاح للعام الثقافى المصرى الصينى لعام ٢٠١٦، بحضور الرئيسين المصرى والصينى.
الحفل بدأ فى التاسعة مساء فى جو أسطورى فى قلب معبد الأقصر الذى يستحيل وجود مكان مشابه له من حيث الجمال والحضارة والتاريخ حيث تم تشييده قبل ٣٤٠٠ سنة.
الحضور اقتصر على الإعلاميين وأعضاء مجلس النواب بمحافظة الأقصر وعدد قليل من الشخصيات العامة منهم المخرج والنائب خالد يوسف والدكتور نور فرحات واحمد بهاء الدين شعبان وحسن عماد مكاوى والسفير صلاح عبدالصادق وراجح داوود وكبار قيادات وزارة الثقافة.
قبل أن يبدأ الحفل كانت بعض مواقع التواصل الاجتماعى منشغلة بما اسمته التشوية المتعمد للآثار المصرية بوضع بعض الرموز الصينية فى معبد الأقصر، تأثيرها الخطير على الآثار، وللأسف لم يقدم أحدهم رأيا علميا متخصصا يدعم هذه المخاوف، وهكذا انهمك كثيرون فى جدل غير مبنى على أساس حقيقى، لكن ذلك صار عنصرا رئيسيا فى السوشيال ميديا لا يمكن تجنبه، والمطلوب ترشيده وأن يتحدث متخصصون فى الموضوعات المختلفة حتى لا يكوِّن الناس آراء بناء على انطباعات عابرة وتقليد سلوكيات القطيع.
لأن المذيعة الصينية التى تولت تقديم الحفل خطفت الأنظار بطلاقتها وحضورها الطاغى، وعندما انقطع الصوت عن المسرح استخدمت صوتها الجهورى، وكانت شريكتها فى التقديم المذيعة جاسمن طه زكى، ابنة وزير الصناعة الاسبق.
وعندما بدأ الحفل كان هناك مترجم يجلس خلف الرئيس الصينى يترجم له كل ما يقال على المسرح.
الفقرات الصينية أثارت إعجاب الجميع خصوصا رقصة «إلهة الرحمة ذات الألف يد» وهى عبارة عن ٢١ راقصة تتجمع فى جسم واحد بقيادة الراقصة الرائدة دوان كه، الأداء كان درسا فى التناسق والمرونة والذوبان أو الانصهار فى الفريق، خصوصا أن الراقصات صم بكم. هذه الفرقة محجوزة بالسنوات كما فهمت من مسئولى وزارة الثقافة.
أما فقرة الأكروبات فكانت الأكثر إبهارا على الإطلاق وهى درس فى الإمكانات الكامنة وغير المستغلة فى الجسم البشرى خصوصا فى الصلابة والمرونة والحركة والهدوء، بطلا العرض هما نيهلى تشنتشوان ويان شين يا.
كان هناك ايضا عازف البيانو الصينى الشهير لانج لانج الذى جاء بطائرته الخاصة من المعبد إلى الاقصر، وبعد ان عزف المقطع الرابع من كونشرتو «الدفاع عن النهر الأصفر» وهو النهر الأم فى الصين، فاجأ الجميع وعزف جزءا من رائعة سيد درويش «طلعت يا محلا نورها».
الجانبان قدما فقرة مشتركة بعنوان الغناء للمستقبل، من الصين أغنية «لا أحد ينام اليوم» وهى مقطوعة من أوبرا توراندوت، ومن مصر مشهد النصر الختامى من أوبرا عايدة، للموسيقار العالمى الايطالى فيردى التى تمثل الاستسلام الإثيوبى للمصريين قديما.
التنظيم الذى تولاه حسن خلاف كان ممتازا، وأداء الاوبرا المصرية بقيادة إيناس عبدالدايم كان مشرّفا.
الشعب الصينى يستحق التحية على ما وصل اليه بجهد ودأب وتخطيط.
ما نحتاجه فى مصر الآن هو الجدية الصينية فى كل شىء، من العمل والإنتاج والتصدير إلى الموسيقى والغناء والاكروبات، وأن نتوقف عن «ثقافة الفهلوة والسلق، وشعار مشى حالك يا عم».
نحتاح ونحن نحتفل بالعام الثقافى المشترك أن ندرس التجربة الصينية بعمق، وبالمناسبة هى تجربة لم تبدأ إلا عام ١٩٧٦ على يد دينج هسياو بينج، والآن وصلت إلى القمة. وبالمناسبة حتى داخل هذه التجربة القائمة على نظام الحزب الشيوعى الواحد هناك تعددية حقيقية، وتغيير معظم القيادات بصفة دورية، لدرجة تدفع البعض للقول إنها ديمقراطية على الطريقة الصينية.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي