.. وهل يعانى الأغنياء من الأزمة؟! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:45 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

.. وهل يعانى الأغنياء من الأزمة؟!

نشر فى : الخميس 22 ديسمبر 2016 - 9:20 م | آخر تحديث : الخميس 22 ديسمبر 2016 - 9:25 م
جميعنا يعرف أن الفقراء وغالبية أبناء الطبقة الوسطى هم الذين سيدفعون الثمن الأكبر من الإجراءات الاقتصادية المؤلمة التى تم البدء فى تطبيقها خلال الفترة الأخيرة وأهمها تعويم الجنيه وزيادة أسعار الوقود وضريبة القيمة المضافة وغيرها، لكن هل تأثر أبناء الطبقة الغنية؟!
كنت أعتقد أن المعاناة مقصورة فقط على الفقراء ومحدودى الدخل، والقصص التى «تقطع القلب» التى يسمعها المرء كل لحظة، لكن ومع بركان وزلزال انفجار الأسعار يتبين أن لهيب هذه الارتفاعات ضرب الجميع من الفقير المدقع إلى الغنى المترف. الفارق الوحيد هو درجة التأثر، لكن المؤكد أن الجميع سيدفع ثمنا لهذه المأساة التى نعيشها.

فى الأيام الأخيرة قابلت وتواصلت مع نماذج من الطبقة الغنية ــ التى تعمل وتنتج فعلا ولا تكتفى بالسمسرة أو المضاربة أو النهب ــ وكانت الحصيلة هى الآتى:

رجل أعمال بارز قال إن لديه مصنعا إنتاجه الأساسى يعتمد على مواد خام معظمها يأتى من الخارج، وبعد ارتفاع أسعار الدولار، تضاعفت التكاليف بنسبة مائة فى المائة تقريبا، وبالتالى فهو إما أن يواصل العمل ويحمل التكلفة والزيادة الجديدة على المستهلك النهائى وإما أن يتوقف عن العمل تماما، ويقوم بتسريح العمالة، على الرغم من أن حياته مرتبطة بهذا المصنع، وهى مهنة عائلته منذ عشرات السنين، ولا يتصور أن يمارس مهنة غيرها!

لو رفع الأسعار بنفس النسبة فلن يتحملها المستهلك، وهو لا يستطيع أيضا أن يواصل العمل بالخسارة، لذلك لا يعرف ماذا سيفعل ليتغلب على هذا المأزق.

هذا الرجل نموذج لقصص وحكايات كثيرة ومتشابهة مع العديد من رجال الأْعمال، خصوصا أولئك الذين يعتمدون فى عملهم على مواد ومعدات وخامات مستوردة من الخارج تأثرت بتعويم الجنيه، أو أن إنتاجهم سيتأثر بعد رفع أسعار الوقود.

وللأسف هناك بعض المصانع والمشروعات توقفت تماما بسبب أزمة الدولار وندرته أو ارتفاع سعره المبالغ فيه والذى يلامس الآن العشرين جنيها، لكن القليل هو من صمد، وواصل العمل فى أصعب مناخ ممكن.

أحد رجال الأعمال قال لى إن الجميع خسر بسبب الأزمة الأخيرة، فحتى المستثمر الذى كان يكسب ثلاثين فى المائة قبل أزمة الدولار، صار يكسب عشرة فقط وربما أقل.

فنان كبير التقيته قبل أيام وكان حديثنا على نفس مشكلة الأسعار والأزمة الاقتصادية، وفوجئت بأنه يعانى أيضا. داعبته قائلا: «عقد مسلسل واحد، قد يحل مشاكلك لسنوات!» ،وكان رده: حتى لو كان ذلك صحيحا، فإن السائق والحارس والطباخ وكل من يعملون معى، صارت حياتهم جحيما، ومن المنطقى أن أحاول أن أخفف عنهم وأزيد مرتباتهم، وأن الحديث الوحيد الذى يدور بينه وبين هذه الفئات هوة الأسعار الملتهبة وكيفية مواجتهها، أى أن المطلوب منه باختصار أن يقوم بزيادة مرتباتهم بمعدل يقترب مما خسروه.

أى رجل أعمال جاد اليوم صار يشكو من الأزمة الراهنة، ويحلم باليوم الذى ستبدأ فيه الانفراجة، وبالطبع فهو فى حالة أفضل نسبيا كثيرا مقارنة بالمطحونين.

أحد أعراض الأزمة الأخيرة أنها جعلت أغنياء يهبطون إلى الطبقة المتوسطة، وأبناء الطبقة الأخيرة يتدحرجون إلى الطبقة الأفقر وهكذا.. وبالتالى فإن غالبية الناس دفعوا ثمنا باهظا مع فارق الدرجات باستثناء اللصوص والفاسدين ومعدومى الضمير.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي