تداعيات سعى ترامب للسيطرة على الجامعات الأمريكية - قضايا عالمية - بوابة الشروق
الخميس 24 أبريل 2025 7:01 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

تداعيات سعى ترامب للسيطرة على الجامعات الأمريكية

نشر فى : الأربعاء 23 أبريل 2025 - 8:35 م | آخر تحديث : الأربعاء 23 أبريل 2025 - 8:35 م

نشر مركز إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية مقالًا للكاتبة نريمان عبدالفضيل، تناولت فيه ملامح الصدام بين الجامعات الأمريكية وإدارة ترامب، ذاكرة تداعيات ذلك سواء أكانت مباشرة (على الجامعات)، أو غير مباشرة (على الولايات المتحدة عموما).. نعرض من المقال ما يلى:
على غرار ما يحدث مع بقية المؤسسات الأمريكية الفيدرالية أو الولائية أو حتى الخاصة مثل مكاتب المحاماة، تسعى إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى السيطرة على مختلف الجامعات الأمريكية، من حيث التدخل فى سياسات الجامعات، وتقويض «حرية الرأى والتعبير»، عبر منع الطلاب من التعبير عن آرائهم، خاصة ما يرتبط بالقضية الفلسطينية.
استجابت بالفعل بعض الجامعات لمطالب إدارة ترامب، لكن هناك جامعات أخرى تتحداه بقوة، وعلى رأسها جامعة هارفارد التى ترفض الانصياع بشأن تغيير سياساتها، بما يتضمن التوقف عن تطبيق برامج التنوع والمساواة والإدماج عند التوظيف أو اختيار الطلاب، مع تغيير القيادات، وإجراء تغييرات بالطرق التى تسمح بتكوين تجمعات طلابية، وكذا تلك الخاصة بتنظيم الوقفات الاحتجاجية التى تساعد على خلق بيئة معادية للطلاب اليهود من وجهة نظر الإدارة الأمريكية، فى إشارة إلى الاحتجاجات المناهضة لحرب الإبادة فى غزة، علاوة على كتابة تقرير ربع سنوى حول إنجازات الجامعة من تلك الأهداف، وتقديمه إلى الحكومة الفيدرالية حتى عام 2028.
• • •
هناك بعض الملامح التى تدلل على حدوث صدام بين الجامعات الأمريكية وإدارة ترامب:
أولًا: تقوم إدارة ترامب فى الوقت الراهن باستغلال التمويلات الفيدرالية لتهديد الجامعات التى لا تستجيب لتغيير سياستها. وفى هذا الصدد، أعلنت وزارة الأمن الداخلى عن تجميد مِنَح فيدرالية بقيمة مليارات الدولارات خاصة بجامعة ماساتشوستس، كما تم إيقاف تمويلات فيدرالية بنحو 2,7 مليون دولار إلى جامعة هارفارد؛ بسبب اتهامها بتمويل أبحاث تحريضية ومنحازة، ولا تصب فى صالح دافعى الضرائب. وفى هذا الصدد، كتب ترامب عبر منصته الاجتماعية تروث سوشيال: «جامعة هارفارد مجرد مزحة، وتُعلّم الكراهية والغباء، ولا ينبغى لها أن تتلقى أموالًا فيدرالية بعد الآن».
ثانيًا: فى ظل عمليات إلغاء تأشيرات الطلاب الأجانب، تأبى وزارة الخارجية الإفصاح عن قوائم الطلاب المعرضين للترحيل، تاركة الجامعات فى وضع متخبط بسبب عدم قدرتهم على توفير الحماية القانونية لهؤلاء الطلاب؛ على سبيل المثال، أنهت السلطات الفيدرالية دون إخطارات رسمية إقامة 25 طالبًا فى جامعتى جورج ميسن وجورج تاون. وهناك ما يزيد على 1300 طالب داخل نحو 210 جامعات أمريكية تم إلغاء إقاماتهم.
ثالثًا: ظهرت قضايا متعددة تستهدف الطلاب أو أساتذة الجامعات؛ وذلك على غرار قضية طالبة جامعة تافتس «روميسا أوزتورك»، التى اعتقلتها قوات تابعة لوزارة الأمن الداخلى فى 25 مارس الماضى بتهمة دعمها لحماس، وقد تم نشر مذكرة صادرة عن وزارة الخارجية فى مارس الماضى، أوضحت خلالها أنه لم يستدل على دليل على دعم أوزتورك لحماس أو معاداتها للسامية، ومع ذلك يمكن لوزير الخارجية استغلال قانون يسمح له بإلغاء تأشيرات الأفراد غير الأمريكيين.
على صعيد آخر، فإنه فى ظل تمسك جامعة هارفارد بموقفها، تلقت الجامعة تهديدًا مباشرًا من كريستى نويم وزيرة الأمن الداخلى بعرقلة قدرة الجامعة على «قبول الطلاب الأجانب» من خلال حرمان الجامعة من شهادة برنامج الطلاب والزائرين المتبادلين بحلول 30 أبريل الجارى؛ وذلك إذا لم تقدم الجامعة سجلات الطلاب الأجانب الذين شاركوا فى أنشطة غير قانونية أو عنيفة.
رابعًا: بالرغم من أن عملية الإعفاءات الضريبية التى تُمنح للجماعات الدينية والمنظمات غير الربحية، ومنظمات الرعاية الاجتماعية، وبعض المؤسسات التعليمية التى تستوفى معايير الحكومة شريطة عدم المشاركة فى الأنشطة السياسية، تقع ضمن نطاق اختصاصات دائرة الإيرادات الداخلية، فإن ترامب هدد جامعة هارفارد بحرمانها من الإعفاءات الضريبية التى تصل إلى مليارى دولار، وهو ما بدأت دائرة الإيرادات الداخلية بالنظر فيه بناءً على طلب من وزارة الخزانة.
• • •
من المتوقع أن تكون لحملة ترامب وفريقه مجموعة من التداعيات، وهو ما يمكن تسليط الضوء عليه فيما يلى:
أولًا- تسييس نتائج البحث العلمى، من المتوقع أن تكون هذه النتيجة على رأس تداعيات سياسات إدارة ترامب الراهنة؛ فإذا كانت بعض نتائج الدراسات الأكاديمية مخالِفة لإدارة ترامب، فإن الجامعات سيكون عليها عدم الإفصاح عن محتواها، وإلا فستتعرَّض لأشكال مختلفة من العقاب من جانب إدارة ترامب؛ بدءا بالتشهير بالجامعة وأبحاثها، وصولًا إلى محاولة فصل موظفيها، وترحيل طلابها من المهاجرين، أو حرمانها من التمويلات الفيدرالية؛ ولذلك ستكون هناك بعض الجامعات، إن لم يكن أغلبها مع نهاية ولاية ترامب، مضطرة إلى تغيير نتائج أبحاثها؛ خوفًا من الاستهداف من جانب ترامب وفريقه، وهو ما سيؤثر على سمعة ومعدلات إنتاج البحث العلمى الأمريكى. وجدير بالذكر أن جامعة كولومبيا، وعلى الرغم من موافقتها على تغيير سياستها انصياعًا لرغبات إدارة ترامب، حتى تحصل على 400 مليون دولار من المنح المخصصة لها التى تم تجميدها؛ أجرت الحكومة الفيدرالية تخفيضات جديدة على المِنَح المقدمة لها.
ثانيا- فقدان جاذبية الولايات المتحدة كوجهة مميزة للتعليم، من المتوقع أن يكون هناك تأثير لعمليات ترحيل واستهداف الطلاب الأجانب، التى أعلن وزير الخارجية مايك روبيو عن نيته فى توسيعها؛ حيث يتم ترحيل الطلاب بالرغم من امتلاكهم إقامات قانونية خاصة بالطلاب. وفى الوقت الراهن، هناك فريق مخصص لمراقبة أنشطة الطلاب ومنشوراتهم على منصات مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث يتم استهداف من أعرب عن دعمه لحماس أو القضية الفلسطينية، ويتم اعتباره مروجًا لمعاداة السامية. وعلى نحو آخر، يتم اتهام بعضهم بارتكاب جرائم بسيطة، مثل مخالفة إشارات المرور، أو العمل بدون الحصول على تصريح. كل ذلك، مع مرور الوقت، سيُفقِد الطلاب الأجانب الرغبة فى السفر للدراسة فى الولايات المتحدة خوفًا من التضييق على حرياتهم.
ثالثا- بالرغم من أن القضية الفلسطينية كانت سببا من أسباب فوز الرئيس ترامب خلال انتخابات نوفمبر 2024؛ بسبب اعتراض الناخبين والناخبات من أصول عربية ومسلمة على السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الحرب على قطاع غزة، وتوجههم نحو التصويت لترامب الذى وعد بإنهاء الحروب داخل منطقة الشرق الأوسط؛ فإن تعامل ترامب الحالى مع التظاهرات والطلاب التى شاركوا فيها، يدلل على رغبته فى محو أى وسيلة يمكن من خلالها دعم القضية الفلسطينية، سواء من خلال التظاهرات السلمية المكفولة بموجب القانون، أو من خلال منع الحديث عن القضية على منصات مواقع التواصل الاجتماعى.
رابعا- تهديد الأبحاث الطبية وتداعى الصحة العامة: تُخطِر إدارة ترامب الجامعات برغبتها فى إحداث تغييرات، لكنها لا تعطى لها الوقت المناسب حتى تقوم بإجراء التغييرات المطلوبة؛ حيث إنها تشرع فى تخفيض التمويلات الفيدرالية، وهو ما حدث مع جامعة هارفارد التى أعلنت عن رفضها سياسات ترامب المفروضة عليها، وأوضحت أن تلك السياسات مخالفة لأحكام المحكمة العليا التى تمنح الجامعات الحرية داخل حرمها الجامعى لضمان استقلالية التعليم؛ ولذلك تم إيقاف مِنَح فيدرالية تُقدَّم للجامعة بقيمة 2,2 مليار دولار؛ ما دفع أستاذ الطب بجامعة هارفارد الحائز على جائزة نوبل «ديفيد والت» إلى التصريح بأن هذا التوقف سيعوق الأبحاث الطبية داخل الجامعة، كما سيحد من انضمام الباحثين إلى هذا المجال مستقبلًا، بما سيؤثر على الصحة العامة داخل الولايات المتحدة، ويحد من الاكتشافات الطبية لعلاج الأمراض المستعصية.
• • •
إجمالًا، محاولة إدارة ترامب التدخل فى آليات عمل المؤسسات التعليمية سيكون وخيمًا؛ لأنه لا يؤثر على تلك المؤسسات وحدها، بل ينعكس على أهم ما تتميز به الولايات المتحدة، وهو الريادة العلمية، ويفتح المجال أمام الدول المنافسة لتحل محل واشنطن، التى تسعى إلى تضييق الخناق بشتى الطرق على الهجرة إلى الولايات المتحدة، سواء كانت بأسباب قانونية أو غير قانونية، بعدما كانت تمثل أرض الفرص والأحلام.

النص الأصلي:

قضايا عالمية قضايا عالمية
التعليقات