أخيرا الحكومة تدخل عش الدبابير - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:44 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أخيرا الحكومة تدخل عش الدبابير

نشر فى : الثلاثاء 23 مايو 2017 - 9:05 م | آخر تحديث : الثلاثاء 23 مايو 2017 - 9:05 م

فى اللحظة التى طلب فيها الرئيس عبدالفتاح السيسى من جميع أجهزة الحكومة أن تنهى وضع اليد على أراضى الدولة خلال ١٥ يوما تنتهى بنهاية هذا الشهر، أتصور أن كل لصوص أراضى الدولة والذين وضعوا أيديهم على أراضيها قد تحسسوا رءوسهم وأموالهم ومستقبلهم!.
كنت موجودا داخل الخيمة المنصوبة بجوار صومعة المراشدة بمحافظة قنا ظهر يوم الأحد قبل الماضى، حينما كان الرئيس يتحدث بغضب شديد، ويطلب من وزير الزراعة ثم من جميع المسئولين خصوصا وزارة الداخلية والقوات المسلحة والمحليات أن تنهى هذا الوضع الشاذ والغريب. كنت أجلس فى مكان حيث أمكننى رؤية رئيس الجمهورية وهو ينفعل على المسئولين مطالبا بإنهاء هذا الأمر فورا.
يعرف كثيرون أن ثورة يوليو عام ١٩٥٢ تحولت إلى ثورة بعد إجراءات الإصلاح الزراعى التى بدأت على مراحل متعددة بدءا من ٩ سبتمبر ١٩٥٢، أى بعد قيام الثورة بشهر ونصف الشهر فقط. وقتها كان الإقطاعيون يسيطرون على الأرض الزراعية الخصبة فى الوادى والدلتا. الآن لم تعد هناك أرض خصبة، بل صار مصدر الثروة الرئيسى فى السنوات الأربعين الماضية الأراضى الصحراوية والمستصلحة، حيث تمكن الإقطاعيون الجدد من نهب مئات الآلاف من الأفدنة ــ وفى تقديرات أخرى نحو 3 ملايين فدان ــ بطرق
النصب والاحتيال والتدليس ووضع اليد. فى حين أن قلة من المواطنين حصلت عليها بطرق قانونية، وسددت حق الدولة كاملا غير منقوص والأهم قامت باستصلاحها وزراعتها.
للموضوعية لا يمكن أن نلوم هؤلاء الإقطاعيين الجدد فقط، بل نلوم أكثر الذين سهلوا لهم طرق الحصول عليها وإهدار حق الدولة، مقابل أتعاب معلومة.
عندما سمعت الرئيس يطالب بإنهاء هذه الظاهرة خلال أسبوعين ظننت أن هناك خطأ فى المهلة، إلا إذا كانت الدولة لديها معلومات وبيانات واضحة ومحددة ومدققة عن الظاهرة وأسماء اللصوص والمستفيدين.
هل يكفى أسبوعان لمعرفة ذلك؟ أتمنى أن تكون الإجابة بنعم. وإن كنت أشك فى ذلك كثيرا، بالنظر إلى تراث البيروقراطية المصرية العتيد.
النقطة المهمة أنه ينبغى على أجهزة الدولة وهى تقوم بتنفيذ هذه «العمية الفدائية» أن تدرك أنها دخلت قلب عش الدبابير والعقارب والأفاعى واللصوص الكبار جدا، وبالتالى عليها أن تتسلح بعزيمة لا تلين وحسم وإصرار وقوة، لكن شرط أن يكون ذلك بالقانون أيضا، حتى لا يتعرض أى برىء للظلم، أو تنشر قوائم مضروبة لاهداف التشويه والاغتيال المعنوى لأبرياء. كما أنه لا يمكن المساواة بين حوت وضع يده على 35 الف فدان، وآخر حصل على بضعة امتار، وثالث بنى بيتا على ارضه الزراعية. نعم لتطبيق القانون على الجميع، لكن علينا ان نعرف ما هى الاولويات.
قبل شهور قابلت مسئولا مهما مطلعا بدقة على أعمال اللجنة القومية لاسترداد أراضى الدولة التى يرأسها المهندس إبراهيم محلب.
المسئول قال لى إنهم يواجهون تحديات ضخمة تتمثل فى أن غالبية كبار الذين وضعوا يدهم على أراضى الدولة أو حصلوا عليها بطرق احتيالية كانوا من كبار المسئولين، وبعضهم ما يزال قريبا بصورة أو بأخرى من دائرة النفوذ. بل إن بعضهم أيضا ينتمى أو انتمى إلى أجهزة يفترض أنها تطبق القانون وتنفذه وتحميه!.
قال لى المسئول أيضا إنهم عندما اصطدموا مع بعض «الحيتان» من العيار الثقيل، ذهبوا إلى الرئيس السيسى وأطلعوه على الأمر، فقال لهم «نفذوا القانون ولا تشغلوا بالكم بأى شخص يدعى أنه قريب من الحكم أو قريب فلان أو علان». وبعدها بيوم كان أحد كبار هؤلاء الحيتان مقبوضا عليه، وتم تخييره بين تسوية وضعه أو الاستمرار فى السجن، فدفع حق الدولة صاغرا.
قرار رئيس الجمهورية تطور فى غاية الأهمية وإذا تم تطبيقه فعلا وعلى الجميع، ستكون تلك أفضل رسالة من الحكومة للجميع ــ خصوصا الفقراء ــ إنها لا تخشى أحدا وإنها جادة فعلا فى محاربة الفساد.. سوف ننتظر ونرى ثم نحكم على أرض الواقع.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي