يتفاوضون علينا - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 5:45 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

يتفاوضون علينا

نشر فى : الأربعاء 23 سبتمبر 2009 - 9:30 ص | آخر تحديث : الأربعاء 23 سبتمبر 2009 - 9:30 ص

 لا أعرف إذا كنا ــ نحن فى مصر والوطن العربى ــ متنبهين بما فيه الكفاية لما يحدث من تطورات بالعلاقات بين إيران والغرب أم لا، وهل أعددنا العدة لمواجهة هذه التطورات.؟

يفترض أن يبدأ الطرفان إيران والدول الخمس الكبرى إضافة إلى ألمانيا مفاوضات فى أول أكتوبر المقبل ستكون فى الغالب فى اسطنبول التركية.

اللافتة المعلنة للمفاوضات هى أن تُقدم إيران على اتخاذ إجراءات تهدئ من مخاوف الغرب وإسرائيل بشأن برنامجها النووى، حتى يتوقف الغرب عن التلويح بضربها أو فرض مزيد من العقوبات ضدها.

المأساة أننا كعرب سندفع ثمن هذه المفاوضات فى كل الأحوال. لا نتحدث عن مؤامرة لكن من المهم أن نتذكر بعض المواقف والتصريحات. طوال السنوات الخمس الماضية والولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل لا تتحدث إلا عن الخطر النووى الإيرانى والصواريخ البلستية الإيرانية التى تهدد مدن أوروبا وقد تطول مدنا أمريكية، وبالتأكيد ستمحو إسرائيل من الوجود كما ادعى أحمدى نجاد، واستثمرته إسرائيل بذكاء شديد.

فجأة وقبل أيام خرج علينا الرئيس الأمريكى باراك أوباما ليصالح روسيا معلنا التخلى عن نشر الدرع الصاروخية فى تشيكيا وبولندا بعد أن اكتشفت بلاده أن برنامج إيران الصاروخى لا يمثل خطرا، وفى اليوم نفسه قال إيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلى، إن إيران لا تمثل خطرا وجوديا على بلاده. وقبل أيام اتفق الغرب وإيران على بدء الحوار.

هل تتذكرون كيف اتفقت الدول الكبرى على تقسيم العالم بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية؟.

مع فارق القياس وتغير الظروف تماما فالخشية أن تتكرر نفس المأساة هذه المرة باعتبار أننا ــ نحن العرب ــ المرشحون الوحيدون لنكون الثمن الذى يدفعه الغرب كى يتقى شر إيران النووى.

منذ تفجر أزمة الملف النووى الإيرانى، والغرب دائم الإلحاح على إيران بحزمة من الحوافز الاقتصادية والوعود السياسية إذا تخلت عن تخصيب اليورانيوم فى برنامجها النووى.

الغرب يملك أن يقدم لإيران بعض المزايا الاقتصادية بالتصدير أو الاستيراد وتجديد حقول البترول وأسطول الطائرات المدنية وكذلك تسهيلات فى منظمة التجارة العالمية لكن الثمن الذى تريده إيران أكبر من ذلك كثيرا.

هى تريد نفوذا لتصبح الأكبر دورا فى الإقليم بأكمله، هى أعلنت بوضوح قبل أيام أن على الغرب أن يقبلها قوة نووية أولا وبعدها من الممكن أن يبدأ التطبيع مع الغرب.
ما لا تعلنه إيران بوضوح أنها تريد أن تهيمن على المنطقة، خصوصا فى العراق والخليج، وإذا أخذنا فى الاعتبار دورها الراهن فى العراق وفلسطين فإن هدفها الرئيسى هو المنطقة بأكملها.

هل ذلك يسىء لإيران؟.

بالطبع لا، بل هى تستحق التحية لأنها تسعى لتعظيم مصالحها الوطنية وتنفيذ إستراتيجيتها سواء كانت لدوافع عقائدية أو مصالحية أو (سمها ما شئت).

الذى يُلام أولا وأخيرا هو نحن العرب وخصوصا مصر باعتبارنا نتحدث عن الريادة دائما.

انشغلنا بالتوريث، شاركنا بغباء منقطع النظير فى تدمير العراق لمصلحة إيران، ثم هللنا لغزو أفغانستان لمصلحة إيران أيضا، والنتيجة أن طهران كانت الرابح الأكبر فى الإقليم بأكمله منذ عام 2001.

السطور السابقة ليست دعوة لمهاجمة إيران أو الدخول فى مواجهة معها، فالأصل أن تكون علاقتنا معها جيدة لمئات الأسباب، وصراعنا الوجودى ليس معها بل مع إسرائيل.

الذى لا شك فيه أن العرب سيكونون الكعكة التى سيتم التفاوض عليها وتحطيمها فى أى مفاوضات بين الغرب وإيران.

إذا اتفقوا فسوف يدفع العراق والخليج الثمن عبر السماح بمزيد من تغلغل النفوذ الإيرانى وإذا اختلفوا ونشبت الحرب فستكون الأرض العربية أيضا أحد مسارح المواجهة الرئيسة.

عندما تتعارك الفيلة فإن الحشائش هى من يدفع الثمن. ولسوء الحظ فإننا قبلنا أن نتحول إلى حشائش!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي