عاش هنا - سيد محمود - بوابة الشروق
الخميس 26 ديسمبر 2024 1:49 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عاش هنا

نشر فى : الثلاثاء 24 أبريل 2018 - 10:00 م | آخر تحديث : الثلاثاء 24 أبريل 2018 - 10:00 م

رأيت فيما يرى النائم أننى أسير فى شوارع القاهرة بصحبة أستاذى الراحل كامل زهيرى وكان يقول لى كما اعتاد دائما: «أنت ساحبى ولست صاحبى».

وفى الطريق من بيته فى الزمالك وحتى وسط البلد ظل يتحدث عن أحمد بهاء الدين الذى يهاب صمته وعن جملة محمد التابعى التى أحبها كما أحب حياته المعجونة بالفن والسياسة وعن محمد حسنين هيكل الذى أنتظر منه رواية تحمل توقيعه وعن حزن صلاح عبدالصبور الذى لم تبدده الهند بجلالة قدرها وهو البلد الذى اشتركا فى عشقه.

لم ينس زهيرى الذى كان بداخله رسام نائم الحديث عن رسوم حسن سليمان وخطوطها الواضحة التى تعكس استقامة وعيه وسلامة تفكيره واستعاد نوادره ونحن نمر قرب مرسمه باتجاه شارع صبرى أبوعلم وهناك وقفنا تحت عمارة فيها مقر دار الثقافة الجديدة التى أدارها محمد يوسف الجندى.

وللجندى الأب حكاية ظل زهيرى يحكيها لكن أحمد بهاء الدين كتبها عن جمهورية زفتى فالجندى هو من أعلن استقلالها خلال ثورة مارس 1919 عن المملكة المصرية وقت ان كانت محتلة من التاج البريطانى لكنه بقى استقلالا «قصير النفس» له هدف معنوى ساهم عبره فى تحفيز المصريين بأهمية مقاومة الاحتلال وبعده أعلنت بعض المناطق استقلالها فى فارسكور وديرمواس وغيرها.

لم يبالغ صاحب «الغاضبون» هذه المرة فى الحديث عن مظاهرات شارك فيها طفلا وهتف «عاشت مصر ويحيا سعد» والسبب الذى رد له صمته لافتة وجدناها فى مدخل البناية شغلته عن طفولته وكانت تحمل اسم الشاعر فؤاد حداد وفوقها عبارة «عاش هنا» وخلقت مناسبة ليحكى زهيرى عن حداد الذى زامله فى روزاليوسف وكيف وجد من ينصفه أخيرا بعد سنوات من الاهمال.

قال لى «نحن بلد يسمى شارعا باسم شاعر اسمه الشاب الظريف لا يعرفه أحد ولا نضع على شوارعنا لافتات عليها أسماء صلاح عبدالصبور أو أمل دنقل أو فؤاد حداد».

لكن هذه الملاحظة لم تفسد فرحته بتنفيذ فكرته «عاش هنا» التى توسع جهاز التنسيق الحضارى برئاسة المهندس محمد أبوسعدة فى تطويرها.

كان المشروع من أحلام «عاشق القاهرة» الراحل وهو الذى رفع شعار «لو لم أكن قاهريا لوددت ان أكون كذلك»، وطالب مرارا بتوثيق «بيوت الفنانين والكتاب» لكى تكون جزءا من ملامح العاصمة وموردا ماليا من موارد تطويرها وصيانتها.

وبعد عام من التنفيذ نجحت الفكرة فى لفت نظر الناس وبدأ السائرون فى شوارع القاهرة يتوقفون لالتقاط الصور التذكارية أمام بنايات أصبح لها أصل وفصل وأصحاب.

سأل زهيرى فى المنام عن طريقة اختيار الأسماء فأخبرته أن عملية جمع البيانات تتولاها لجنة علمية تقدم اقتراحات بترشيحاتها وتضم فى عضويتها وزير الثقافة السابق عماد أبوغازى والكاتب خالد الخميسى والمؤرخين خالد عزب ومحمد عفيفى والمعمارى طارق والى وأستاذ تاريخ الفن ياسر منجى وكان معهم الراحل على أبو شادى.

وقبل أن يمضى لحال سبيله سألنى كامل زهيرى «هل عند بيتى يافطة تقول عاش هنا».. فوعدت بالبحث والسؤال.