الإحباطات من حولنا كثيرة من أول الأزمات الاقتصادية المتنوعة إلى العنف والإرهاب. وفى لحظات كثيرة يظن المرء ان الأصل هو حال اليأس التى تسيطر على كثيرين. لكن وللإنصاف فهناك نقاط ضوء كثيرة من حولنا ننساها فى ظل إدمان بعضنا لحالة الغرق فى بحور التشاؤم.
مساء الثلاثاء الماضى أسعدنى الحظ بلقاء مع الطبيب المصرى العالمى الكبير مجدى يعقوب. اللقاء تم فى فندق الماريوت والمناسبة كانت الاحتفال الذى أقامته شركة سيمنس لإطلاق مسابقتها السنوية لجائزة الصحافة العلمية تحت عنوان «إجابات من أجل غد أفضل» بهدف تشجيع الكتابة الصحفية فى الموضوعات المتعلقة بالعلم والتكنولوجيا.
كنا مجموعة صغيرة من ستة صحفيين التقينا يعقوب فى غرفة جانبية قبل الدخول إلى الاحتفال بحضور محمد المهدى العضو المنتدب لشركة سيمنس. الرجل فى غاية التواضع ويبدو فعلا انه كلما ازددت علما ازددت تواضعا والعكس صحيح تماما فالجهلاء والتافهون هده الأيام هم الأعلى صوتا والأكثر ضجيجا وصخبا.
قبل حضور يعقوب لإلقاء كلمته كان هناك نقاش مطول بين الصحفيين وكبير مسئولى وخبراء سيمنس حول أفضل الطرق لخروج مصر من أزمتها المستحكمة فى الطاقة. غالبية الأسئلة تركزت حول الدور الذى يفترض ان تقوم به الحكومة لحل المشكلة. المهدى طالب الصحفيين بالتعود على الاعتماد على الشعب وعدم إلقاء المسئولية على الحكومة. وعندما تحدث يعقوب نسى الجميع كلمة الحكومة ودار الحديث بالكامل حول المجتمع المدنى والمبادرة الأهلية والوقف الخيرى.
تحدث يعقوب مطولا عن أهمية العلم والتكنولوجيا وانه لا مستقبل لمصر من دونهما لكن أهم ما قاله الرجل ان هناك تبرعات بمئات الملايين من الجنيهات تتدفق على مركز القلب فى أسوان معظمها يأتى من البسطاء أى أولئك الذين يتبرعون بمبالغ تترواح بين خمسين إلى ألف جنيه. مركز يعقوب لعلاج قلوب الأطفال هو نموذج عملى على ان المصريين يمكن ان يبدعوا ويتألقوا ويخرجوا أفضل ما عندهم. هم فقط يحتاجون إلى قدوة صالحة تلهمهم. قال لى محمد المهدى انه عندما ذهب لمقابلة يعقوب فى أسوان وجد سيرة مجدى يعقوب العطرة على كل لسان حتى فى المقاهى الشعبية.
فى هذا المركز يتم التعامل مع الجميع بلا أى تمييز حيث لا فارق بين طفل وآخر على أساس اللون أو الجنس أو الدين أو المستوى الاجتماعى أو الاقتصادى.
أحد الزملاء سأل يعقوب لماذا لا يتم انشاء مراكز قلب جديدة فى محافظات أخرى غير اسوان فقال الرجل: «ان الامر ليس سهلا والعملية ليست عصا سحرية نطوح بها فى الهواء ونقول هيا بنا نبنى بل نحناج إلى مثابرة وموارد مالية وبشرية والأهم إلى ناس مستعدين للعمل ليل نهار اناس يريدون ان يتعلموا ويقرأوا طوال الليل ويعملوا طوال النهار وإعلام ينقل لهم الحقائق والجوانب المضيئة ويركز لهم على المسقبل وعلى العلم والتكنولوجيا».
مركز مجدى يعقوب هو دليل عملى على ان المصريين يمكن ان ينجحوا إذا ساروا طبقا للقواعد الصحيحة التى يتبعها كل العالم. التخطيط والجهد والعمل الجاد والتضحية من أجل الوطن وكذلك التواضع والتوقف عن الفهلوة. هم فقط يحتاجون القدوة وقصة نجاح حتى لو كانت صغيرة.