نشر مركز كارنيجى لدراسات السلام الدولى، دراسة مطولة كتبها يزيد صايغ، باحث رئيسى بالمركز، وفيما يلى ملخص تنفيذى عن الدراسة. انهارت الدولتان الضعيفتان أصلا فى ليبيا واليمن، عندما أصبحت الصراعات الهادفة إلى السيطرة على قطاع الأمن فى كل منهما محور السياسة الانتقالية فى أعقاب الانتفاضات الشعبية فى العام 2011. وبدل إصلاحه وتطويره لتعزيز الشرعية الهشة للحكومات المؤقتة، انهار قطاع الأمن فى كل من ليبيا واليمن بحلول العام 2014. ودخلت البلدان الآن فى حلقة مفرغة، حيث تتطلب إعادة بناء دول مركزية فعالة وهويات وطنية متماسكة، إيجاد إجماع جديد حول أهداف قطاع الأمن وكيفية حوكمته، غير أن التوصل إلى مثل هذا الاتفاق يعتمد على حل الانقسامات السياسية والتصدعات الاجتماعية العميقة التى أدت إلى الحرب الأهلية فى كلا البلدين.
الفشل فى مواجهة تحدى الإصلاح
أصبحت السيطرة على قطاع الأمن موردا أساسيا فى الميدان السياسى الليبى المتيز بشدة التنافس وبضعفه المؤسسى. أما فى اليمن، فقد كانت هذه السيطرة مهمة بالنسبة لمن يسعون إلى إعادة إنتاج النخبة السياسية القديمة.
أدى الصراع من أجل السيطرة إلى تفتيت قطاع الأمن فى كلا البلدين، وأعاقه عن تنفيذ مهامه الأساسية، وعرقل الأجندات الإصلاحية.
تدهورت مؤسسات الدولة الليبية واليمنية، وتعطلت السلطتان التنفيذية والتشريعية، وأصيبت نظم القضاء الجنائى بالشلل.
فى خضم تداعى مؤسسات الدولة، همشت الميليشيات الثورية القوية ومنافسون مسلحون آخرون، القطاعات الأمنية الرسمية أو حلت محلها.
إن إعادة هيكلة القوات المسلحة الوطنية أمر ضرورى فى البلدان التى تمر بمرحلة انتقالية، مثل ليبيا واليمن. غير أن من شأن إصلاح وتطوير وزارات الداخلية والشرطة ونظم القضاء الجنائى، أن يعالج احتياجات المواطنين ويساعد على إنعاش النشاط الاقتصادى وتعزيز شرعية الحكومات، ما يسهل إصلاح السياسات فى مجالات أخرى.
كانت الأطراف الخارجية مؤثرة فى إعادة هيكلة قطاع الأمن، ولكنها كانت تسعى إلى تحقيق أهداف متضاربة ولم تستثمر بالقدر الكافى سياسيا أو ماديا، لتحويل الديناميات المحلية أو تغيير النتائج.
الدروس المستفادة من إصلاح قطاع الأمن فى ليبيا واليمن
يزيد صايغ باحث رئيسى فى مركز كارنيجى للشرق الأوسط فى بيروت، حيث يتركز عمله على الأزمة السورية، والدور السياسى للجيوش العربية، وتحول قطاع الأمن فى المراحل الانتقالية العربية، إضافة إلى إعادة إنتاج السلطوية، والصراع الإسرائيلى ــ الفلسطينى، وعملية السلام.
الشمولية والشفافية أمران ضروريان. موروثات التحزب السياسى والاختراق المجتمعى فى قطاع الأمن، تجعل من المحتم ضم جميع الأحزاب وممثلى المجتمع المحلى، ممن لديهم الاستعداد للانخراط السلمى فى المناقشات حول سياسات وأولويات الإصلاح. ومن الضرورى أيضا بناء الثقة من خلال الالتزام بالشفافية التامة للمعلومات المتعلقة بحوكمة قطاع الأمن وبكيفية اتخاذ القرارات والتعيينات فى الوظائف العليا وتخصيص الميزانيات.
يجب تنسيق عمليات إعادة دمج القطاعات الأمنية. يعتبر وضع المعايير المهنية المشتركة ومعايير الأداء، ومعايير التعيين والترقية، والواجبات والاستحقاقات القانونية، وجداول الأجور وشروط الخدمة، شرطا لاغنى عنه لتحويل ودمج الهياكل الأمنية الرسمية والبديلة.
يجب أن يكون توفير الأمن المركزى والمحلى متوازنا. فى الدول والمجتمعات المنقسمة للغاية، قد تأتى المقاربات التى تعزز مركزية حوكمة قطاع الأمن بنتائج عكسية، فيجب أن تستكمل من خلال تطوير دور وقدرات الحكم المحلى.