حزب الله وإسرائيل.. «الانضباط» لا يزال مستمرا - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:49 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حزب الله وإسرائيل.. «الانضباط» لا يزال مستمرا

نشر فى : الأحد 25 أغسطس 2024 - 6:35 م | آخر تحديث : الأحد 25 أغسطس 2024 - 6:35 م

حينما يقول حزب الله إنه نفذ عملية الرد على اغتيال قائده العسكرى فؤاد شكر، وحينما تقول إسرائيل إن ردها العسكرى ضد الحزب قد انتهى، والأمر يعود إليه، حينما يتم ذلك فالمعنى الجوهرى أن قواعد الاشتباك بين الطرفين ما تزال قائمة، وتحت السيطرة مثلما هو الحال منذ قرر حزب الله شن عمليات ضد شمال إسرائيل مساندة للفلسطينيين الذين يتعرضون لعدوان وحشى إسرائيلى فى قطاع غزة منذ عملية طوفان الأقصى صبيحة ٧ أكتوبر الماضى.

فى وقت مبكر من صباح أمس أطلق حزب الله مئات الصواريخ والمسيرات الانقضاضية للهجوم على أهداف إسرائيلية متنوعة خصوصا فى الشمال، وأنه أصاب «هدفا نوعيا» فى تل أبيب، تشير تقارير إسرائيلية أنه يقصد مقر الموساد والوحدة 8200 للمخابرات العسكرية «أمان» فى منطقة غليلوت شمال تل أبيب، على أساس أن هذين الجهازين هما المسئولان عن اغتيال شكر وبقية قادة وكوادر الحزب لكن تل أبيب نفت وقوع الإصابة.
بنيامين نتنياهو سارع إلى القول أن سلاح الجو الإسرائيلى هو الذى بادر إلى شن عمليات استباقية ضد منصات إطلاق صواريخ حزب الله، وأنه نجح فى تدميرها جميعا، بعد أن رصدت إسرائيل نية الحزب شن هجوم واسع النطاق بستة آلاف صاروخ.
طبقا لهذه الرواية فإن إسرائيل هى التى بادرت إلى العدوان والهجوم، لكن حزب الله يقول إن معظم ما تقوله إسرائيل كاذب، وأن الحزب هو من بادر بالرد وتمكن من توجيه كل صواريخه ومسيراته إلى أهدافها وحققت أهدافها فى ما اعتبره المرحلة الأولى من الرد.
نعلم أن إسرائيل اغتالت فؤاد شكر بغارة جوية على مبنى فى الضاحية الجنوبية لبيروت فى 30 يوليو الماضى، كما اغتالت بعده بساعات رئيس المكتب السياسى لحركة حماس إسماعيل هنية خلال زيارته للعاصمة الإيرانية طهران.
حزب الله وإيران أعلنا بوضوح أنهما سوف ينفذان ردا على العمليتين، لكن الرد تأخر أو تأجل خوفا من اتهامهما بالتسبب فى نسف فرص نجاح المفاوضات غير المباشرة الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس فى القاهرة والدوحة بمشاركة أمريكية للوصول إلى اتفاق هدنة يوقف العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة.
ونعلم أيضا أن إسرائيل اغتالت محمد رضا زاهدى القيادى فى الحرس الثورى خلال اجتماع مع قيادات أخرى فى مقر القنصلية الإيرانية فى دمشق فى الأول من أبريل الماضى، وهو الأمر الذى أدى إلى قيام إيران بقصف إسرائيل للمرة الأولى وليس عبر القوى الحليفة لها فى المنطقة. ووقتها قال مراقبون كثيرون إن هذا الرد ثم الرد الإسرائيلى الخافت عليه جاء ضمن سياسة حدود الاشتباكات المتفق عليها.
هل الاشتباك المنضبط تواطؤ بين الطرفين أى إيران وإسرائيل من جهة أخرى؟
ظنى الشخصى أن الإجابة هى لا، فهناك صراع حقيقى بين الطرفين وبين المشروعين، وكل طرف أى إسرائيل وإيران يريدان الهيمنة على المنطقة العربية، لكن إيران تعتقد أن الانزلاق إلى مواجهة شاملة مع إسرائيل الآن قد لا يكون فى صالحها، لأنها قد تؤدى إلى تكبدها خسائر نوعية استراتيجية، خصوصا البرنامج النووى الإيرانى وبقاء القوى المساندة لها فى المنطقة سواء فى اليمن أو العراق أو سوريا ولبنان. فى حين أن إسرائيل ربما تود الدخول فى هذه الحرب الشاملة حتى تنهى ما تسميه «الصداع النووى الإيرانى» لكن الولايات المتحدة تكبح اندفاعها حتى هذه اللحظة.
وقد تحدثت تقارير صحفية أمريكية كثيرة عن أن وزارة الدفاع الامريكة قد «هندست» الرد الإيرانى على إسرائيل منتصف أبريل الماضى بصورة لا تقود الى حرب شاملة فى المنطقة.
نعود إلى ما بدأنا به، وحينما يؤكد الطرفان حزب الله وإسرائيل أنهما حققا أهدافهما، وأن الأمر انتهى أى الهجمات والعمليات الكبرى، فالمعنى الأساسى أننا ما نزال فى إطار قواعد الاشتباك المنضبط بين كل أطراف الصراع فى المنطقة، أى استمرار القتال بصورة محددة وفى أماكن عسكرية وليست مدنية.
والسؤال إلى ما متى يمكن المحافظة على هذا الانضباط، وهل ستنفلت الأمور بقصد أو بغير قصد، والأهم ما مدى تأثير ذلك على المفاوضات الدائرة الآن فى القاهرة؟!
أسئلة مفتوحة على كل الاحتمالات.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي