عقلاء الحزب الوطنى - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:31 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عقلاء الحزب الوطنى

نشر فى : السبت 25 ديسمبر 2010 - 9:44 ص | آخر تحديث : السبت 25 ديسمبر 2010 - 9:44 ص
ما اجتمع صحفى مع مسئول بالحزب الوطنى هذه الأيام إلا وكان السؤال عما حدث فى الانتخابات الأخيرة ثالثهما.

معظم قادة الحزب الوطنى قالوا إن اكتساح مقاعد البرلمان له أسباب متعددة تبدأ من شعبية الحزب مرورا بالتخطيط العبقرى للمهندس أحمد عز نهاية بتعليمات وتوجيهات السيد الرئيس والسيد أمين السياسات والسيد الأمين العام.. وكل سيد فى الحزب.

لكن عضوا مهما فى البرلمان ويعد مسئولا فى الحزب الوطنى له رأى آخر.. التقيت الرجل قبل أيام قليلة فى إحدى المناسبات الاجتماعية.. وبعد السلامات والطيبات ومناكفات عن الأهلى والزمالك، سألته بوضوح: أين دور العقلاء فى الحزب الوطنى..

وكيف سمحوا بهذا الإخراج الذى يقول كثيرون إنه شديد الرداءة والفجاجة لمسرحية الانتخابات؟!.

الرجل ــ غير المحسوب على تيار السياسات
ويصنف نفسه عاقلا ــ وبعد أن سحبنى من يدى إلى ركن قصى من القاعة المكتظة بكثيرين، قال إن ما حدث كارثة وسيدفع الجميع ثمنها فى النهاية.

يعتقد الرجل أن تأثير ما يمكن تسميتهم بالعقلاء داخل الحزب بدأ يضمحل، وقد يتلاشى فى ظل صعود التيار الاستئصالى ، وأن نتيجة تلك المنطقية هى أن قطاعات كثيرة من التيار الإسلامى التى كانت تعمل فى الضوء ستنتقل للعمل تحت الأرض.. وأن أعضاء كثيرين فى الأحزاب المصدومة من صفعة الوطنى قد يفعلون الأمر نفسه، أو ييأسون من العمل السياسى السلمى ويزداد ــ كفرهم ــ من السياسة باعتبارها أداة للتغيير.

سألت الرجل: لماذا لا تعلن أنت وأمثالك هذا الرأى بحيث يمكن فرملة المندفعين نحو تأميم العمل السياسى؟!.

أجاب بهدوء: تحدثت وتحدث غيرى، لكن القرار صار فى يد المؤمنين بالتكويش على كل شىء.

يعتقد الرجل أيضا أن هؤلاء «المكوشين» فى مرحلة الانتشاء بما يعتقدون أنه فوز شرعى كاسح، لكنهم ــ إن آجلا أو عاجلا ــ سوف يفيقون على الحقيقة، وهى أنهم «يخوضون مباراة ليس فقط من دون جمهور ولكن من دون فريق منافس».

أكبرت فى الرجل موقفه، خصوصا أنه مثقف ومطلع على التجارب الحزبية العالمية وقارئ جيد، والأهم أنه يبدو مؤمنا بفكرة التوازن والحوار وعدم «نفى الآخر».. حتى لو كان إخوانيا..

هو أيضا براجماتى ووجهة نظره «أنه إذا كان ولابد من إبعاد الإخوان فلماذا تم إبعاد كل الأحزاب الأخرى.. هو يعتبر ذلك انتحارا سياسيا».

وفى اللحظة التى بدأ فيها هذا البرلمانى فى التجلى والفضفضة ــ وربما التطهر ــ هجم علينا بعض الزملاء الصحفيين كى يسترقوا السمع.. وبالتالى توقف الحديث تماما وعدنا للحديث عن الكرة الراقية التى يقدمها فريق برشلونة الإسبانى، وأخطاء حسن شحاتة فى قطر.. ومدى تأثير الحكام الأجانب على ترتيب الأهلى فى الدورى.

انتهت الليلة، وانصرف الرجل إلى حال سبيله، ولم أملك إلا أن أسأل نفسى: هل هى مصادفة أن كل من التقيتهم من الحزب الوطنى يبادرون للقول إنهم يعارضون كل السياسات الخاطئة.. ويحاولون الإصلاح من الداخل.. وإنهم.. وإنهم .
إذا كانوا جميعا ملائكة.. فمن هم الشياطين المسئولون عن كل الأخطاء والخطايا.

«أولئك الذين يقولون إنهم يحاولون الإصلاح من الداخل».. يستحقون مزيدا من المناقشة.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي