رحم الله الملك عبدالله، وقف إلى جانب مصر حين تكاثر عليها الخونة والمرتزقة فى الداخل والخارج، وتكالب عليها اللئام من كل اتجاه ينهشون لحمها وعرضها، ويستهدفون جيشها وقضاءها وأمنها، وقد أخفوا مآربهم خلف شعارات ولافتات كاذبة.
صدح رحمه الله بقولة الحق فى مواجهة صيحات الطامحين إلى إعادة ترتيب المنطقة وفق مخطط شيطانى استعمارى جديد، وناصر الموقف المصرى الصامد فى وجه مخطط «الفوضى الأمريكية الخلّاقة».
كان الدعم السعودى والإماراتى لثورة الشعب المصرى الكبرى فى 30 يونيو وخارطة الطريق التى أعلنها الرئيس عبدالفتاح السيسى، نقطة تحوّل مهمة فى الموقف الدولى والإقليمى تجاه الثورة، وكان دعمهما المادى ومازال، من أهم أسباب ثباتها وسط عواصف متتالية من المؤامرات الصغيرة، ومعوّضا إلى حد كبير عن التراجع الحاد فى الاحتياطى النقدى، واحتياجات مصر من العملة الأجنبية، ومن البترول والغاز على وجه الخصوص.
حين قال الملك عبدالله بوضوح لا يحتمل اللبس إن ما جرى فى مصر فى 30 يونيو ثورة، وإنه اختيار الشعب المصرى الذى لا يجوز لأحد ان يتدخل فيه، كانت قولته مناقضة تماما لما استقرت عليه الإدارة الأمريكية ومعظم دول الاتحاد الأوروبى حتى ذلك الحين، لكنه، وكما فعلها الملك فيصل حين منع البترول عن أمريكا ودول الغرب الداعمة لإسرائيل أثناء حرب اكتوبر 1973، اختار أن يقف إلى جانب مصر، لأنه يعلم أن سقوط مصر يعنى أن تتساقط سبحة العرب ويتناثر التئامها، حتى لو تمايزت السياسات بين البلدين فى مراحل تاريخية بعينها.
وكما رأينا، فقد كان للموقف السعودى مردوده الإيجابى على مستوى دول الاتحاد الأوروبى وأمريكا، وبعض دول المنطقة التى اختارت أن تبقى فى وضع المراقب، انتظارا لما تسفر عنه موازين القوى الدولية والإقليمية على الأرض.
داخليا، فإنه وعلى مدى عشر سنوات أمضاها الملك عبدالله فى الحكم، شهدت المملكة إنشاء عدد كبير من الجامعات الجديدة، وظهرت إلى النور، مدينة الملك عبدالله للعلوم والتقنية فى عام 2009، وزادت البعثات العلمية إلى الخارج بنسبة تتجاوز الخمسين بالمائة، وصارت المرأة عضوا فى مجلس الشورى.
وكان إدراك الملك عبدالله لخطورة الجماعات الإسلامية المسيسة على استقرار المنطقة، وما عانته بلاده من إرهاب أسود وتهديد لأمنها، هو ما دفعه لإعلان جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية.
وحين قبّل رئيسنا المحترم الرئيس عبدالفتاح السيسى رأس الملك عبدالله فى زيارته الأولى للمملكة عقب توليه المسئولية، فقد كان ذلك تعبيرا عن تقدير مصر رئيسا وحكومة وشعبا، للدور السعودى المهم فى المنطقة، وللدعم الكبير الذى لن ينساه المصريون.
رحم الله الملك عبدالله وعوضنا عن حكمته وشجاعته خيرا.