هل يمكن أن يحقق دونالد ترامب لإسرائيل الأهداف الكبرى التى فشلت فى تحقيقها حتى الآن بالعدوان المدعوم أمريكيًا منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى 19 يناير 2025؟!
ترامب الذى دخل البيت الأبيض فى 20 يناير الجارى كشف عن أهم أوراقه بشأن القضية الفلسطينية بصورة أسرع كثيرًا مما تخيل أشد العرب تشاؤمًا. هو اقترح صباح الأحد الماضى أن يتم نقل الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الأردن ومصر، حتى يتم إعادة إعمار القطاع، وأن هذا النقل قد يكون مؤقتًا أو لوقت طويل.
ليس غريبًا أن تكون نظرة ترامب إلى قطاع غزة مجرد نظرة سمسار أو مطور عقارات، لأنه لا يراه إلا مجرد قطعة جغرافية يمكن تطويرها عقاريًا وإقامة أفخر المنتجعات العمرانية فيها على شاطئ البحر.
هل ما قاله ترامب عن تهجير الفلسطينيين مفاجئ؟
ظنى أن الإجابة هى لا، ونتذكر أن العديد من الساسة الأمريكيين سواء فى الخارجية أو البيت الأبيض أو الكونجرس قد دعوا تلميحًا أو تصريحًا إلى تنفيذ مثل هذا الاقتراح منذ بداية العدوان الإسرائيلى على غزة وبالمناسبة هو اقتراح قديم منذ النكبة عام ١٩٤٨ وتكرر الحديث عنه أكثر من مرة. وحسب لمصر أنها ومع بداية العدوان الأخير أقنعت إدارة بايدن بالتوقف عن إثارة هذا الموضوع الذى تراجع بعدها كثيرًا، بل نتذكر أن الرئيس عبدالفتاح السيسى وخلال لقائه مع المستشار الألمانى أولاف شولتز، حرص أن يقول له على الهواء مباشرة رفض مصر القاطع لفكرة تهجير الفلسطينيين، وفى مرة أخرى خاطب الإسرائيليين بقوله ولماذا لا تنقلون الفلسطينيين إلى بئر سبع وهى الأرض الفلسطينية الملاصقة لغزة التى استولت عليها إسرائيل بعد نكبة 1948.
سؤال آخر: هل نندهش من تصريحات ترامب؟
ظنى أن الإجابة هى لا، والسبب أن ترامب وقبلها بساعات قليلة شن هجومًا عنيفًا على كندا وطالب بضمها إلى أمريكا وإلا سوف يشن عليها حربًا اقتصادية طاحنة تحولها إلى دولة غير مستقلة، وفى نفس اللحظة قال إننا سوف نضم جزيرة جرينلاند الدانماركية سواء وافقت كوبنهاجن أو رفضت، وقبلها بأيام قال سوف نسيطر على قناة بنما وسنغير اسم خليج المسكيك إلى خليج أمريكا. وقبلها هدد برفع الرسوم الجمركية على السلع الصينية بنسبة 80٪ وعلى الأوروبية بنسبة 20٪ وعلى السلع الكندية بنسبة 25٪ وعلى بضائع مجموعة بريكس بنسبة 100٪ إذا فكرت فى تأسيس عملة تبادل بديلة للدولار.
شخص بمثل هذا السلوك لا يمكن استبعاد أن يطالب بنقل الفلسطينيين من غزة للخارج، خصوصًا أنه شديد التعصب لإسرائيل ومعظم مساعديه أشد تطرفًا لإسرائيل حتى من بعض الساسة الإسرائيليين. ولا ننسى أنه هو من نقل سفارة بلاده إلى القدس، واعترف بسيادة إسرائيل على الجولان السورى المحتل وأغلب الظن أنه سوف يبارك ضم الاحتلال للضفة الغربية.
السؤال الأهم: هل كلام ترامب نصوص دينية منزلة على العرب أن يقبلوها؟
الإجابة هى لا قاطعة، وحسنًا فعلت الخارجية المصرية فى البيان الذى أصدرته مساء الأحد الماضى برفض أفكار ترامب ونفس الموقف اتخذته الأردن أيضا.
السؤال الأخير: هل سينتهى الأمر عند هذا الموقف؟
الإجابة هى لا، فالمحاولات الأمريكية والإسرائيلية سوف تستمر، بعشرات وربما مئات الطرق والحيل والأساليب وربما الإغراءات والتهديدات، وبالتالى يصبح السؤال الجوهرى: ما هو الحل؟
ظنى أنه ليس مطلوبا من الحكومات العربية أن تدخل فى معركة مفتوحة مع ترامب المندفع والمتهور، لكن مع موقف صلب وواضح وقاطع برفض هذه الأفكار من البداية.
أظن أيضًا أن ترامب ربما يكون قد طرح هذه المطالب التعجيزية حتى يحصل لإسرائيل على مكاسب مقابل سحبها أو تخفيفها، بمعنى أن يقول بمنطق الصفقات الذى يجيد تطبيقه: حسنًا سوف أتراجع عن مقترح نقل الفلسطينيين، لكن مقابل أن توافقوا على نزع سلاح المقاومة فى غزة، وضم الضفة لإسرائيل، وأن تتولى الدول العربية فقط تمويل عملية إعادة إعمار غزة، وأن تكون الجهة التى ستدير القطاع غير معادية لإسرائيل.
الخطوة الجوهرية هى ضمان تدفق المساعدات لغزة وأن تكون هناك جهة فلسطينية تدير القطاع حتى يظل الفلسطينيون فى أرضهم، مطلوب من كل مفاوض عربى أن يكون شديد الانتباه واليقظة.