العنوان أعلاه تعبير شائع فى صالات تحرير وسائل الإعلام خصوصا الصحف، ويعنى قيام المحرر أو سكرتير التحرير بكتابة شرح للصورة الفوتوغرافية المنشورة أو «كابشن» كما يحلو للبعض أن يطلق عليه، والشرح يفترض أن يتضمن تعريف القارئ بمكان الصورة وزمانها والحدث فى أقل عدد ممكن من الكلمات.
على الصفحة الأولى من جريدة «الشروق» صباح الخميس الماضى كانت هناك صورة تحتل حوالى نصف الصفحة الأعلى لمجموعة من السيدات الواقفات فى طابور أمام إحدى اللجان الانتخابية بالقاهرة. من يتأمل هذه الصورة ويدقق فى تفاصيلها سوف يكتشف الكثير.
فى مقدمة الصورة المعبرة التى التقطها الزميل روجيه أنيس ــ سيدة خمسينية وخلفها سيدات وفتيات تتراوح أعمارهن بين العشرين والأربعين.
الحجاب سمة رئيسية على رأس معظم السيدات الواقفات فى الطابور، لكن هناك سيدة سافرة الوجه تقف بينهن، وهناك أيضا سيدة منتقبة.. لكن الحجاب ليس متشابها،ألوان مختلفة بعضها مبهرج وبعضها هادئ، هناك ما هو أقرب إلى «الطرحة» التى تخفى الرأس فقط، وهناك الأقرب إلى الإسدال، الذى يغطى نصف الجسد.
وحتى الملابس تعكس تنوعا فى الذوق وفى المستوى الاجتماعى أيضا.
والوجوه متمايزة، معظمها باسم وضاحك، وأقلها مكشر ومتوجس.
مستقبل مصر كان فعلا فى طوابير الحرية يومى الأربعاء والخميس الماضيين، كما ذكر عنوان المانشيت الرئيسى لـ«الشروق».
الصورة على صفحة «الشروق» الأولى جميلة فنيا لكنها ليست الوحيدة من نوعها، ففى الصفحتين العاشرة والحادية عشرة من نفس العدد مجموعة متنوعة ومتميزة من الصور أبرزها صورة ضخمة على اليمين لسيدة مصرية تمسك ببطاقة الرقم القومى وتنتظر خارج اللجنة، وعلى وجهها ابتسامة خفيفة ولكنها معبرة.
هى سيدة تشبه كل السيدات المصريات العظيمات، تشعر بالراحة وانت تنظر إلى تفاصيل وملامح وجهها البشوشة، هى تشبه أمى وأمك، أقرب لمفهوم السيدة التى نطلق عليها «الحاجة».
صور طوابير السيدات لم تكن فى «الشروق» فقط فقد كانت فى معظم الصحف اليومية، لانها باختصار واحدة من أهم ملامح انتخابات الرئاسة الأخيرة، ولا يوجد تفسير رئيسى يشرح لنا لماذا زادت طوابير السيدات عن الرجال والشباب فى أماكن كثيرة خلال هذه الانتخابات؟!.
هل هو رغبة فى إثبات الذات وان المرأة شريك رئيسى فى العملية السياسية، أم خوف على مستقبل قد تتعرض فيه بعض حقوقها القليلة للانتقاص أو الانقضاض؟!.
فى صور كثيرة التقطها مصورو «الشروق» شىء يدعو للفرح، منها ان جميعهن يقفن فى مكان ضيق واحد، يبتسمن لبعضهن البعض، المسلمة بجوار المسيحية، المحجبة والمنتقبة بجوار السافرة، لا أحد يلغى الآخر أمام الصندوق.
صورة هذا الشعب الفرحان تحت راية الانتخابات المنصورة مثالية وتدعو للفرح والابتهاج والفخر، لكن مشكلتها انها صورة مؤقتة، كأنك توقف شريط فيلم عند مشهد سعيد.
ونسأل لماذا ــ إذا كان لدينا مثل هذا الشعب المدهش بنسائه العظيمات ــ لا ينعكس على مجمل حياتنا، ولماذا يحاول البعض بعد ان يستخدم أصوات النساء للوصول إلى البرلمان أو الرئاسة فى إعادة النساء إلى الخلف.
صحيح أن الصورة لم تكتمل كما تمنى البعض لتسفر عن صورة أكبر لكل مصر. لكن علينا أن نقبل الواقع.
لدينا صورتان الأولى مثالية كما بدت فى طوابير الناخبات، والأخرى واقعية كما ظهرت فى نتيجة الانتخابات. الصورة الأولى هى ما نتمناه، صورة تضم الجميع، والصورة الثانية واقعية استقطابية، لكنها تعكس الواقع كما هو، وعلينا أن نبذل كل الجهد والعرق والدموع من أجل ان تتطابق الصورتان، وعلينا ان ندرك أن ذلك سيحتاج وقتا وعملا.
السياسة لا تعرف اليأس.. بل تعرف الأمل والدأب والإصرار.