ليست مسرحية.. إلا في الفصل الأخير! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 28 يونيو 2025 2:23 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

ما توقعاتك لمعارك إسرائيل مع إيران؟

ليست مسرحية.. إلا في الفصل الأخير!

نشر فى : الجمعة 27 يونيو 2025 - 7:25 م | آخر تحديث : الجمعة 27 يونيو 2025 - 7:25 م

هناك فيديو هزلى ساخر يصور رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو والمرشد الأعلى للثورة الإيرانية على خامئنى، وهما يرقصان فرحين معًا، ويشجعهما من الخلف الرئيس الأمريكى دونالد ترامب والرئيس الإيرانى مسعود بزشكيان.

عنوان الفيديو هو «نهاية الفيلم الهندى»، ومصممه قصد أن الحرب الإسرائيلية الإيرانية التى استمرت ١٢ يومًا، كانت مجرد مسرحية أو «فيلم هندى» بالمفهوم الشعبى الدارج.

عدد العرب الذين يعتقدون أن ما حدث كان مسرحية كثير، سواء كمواطنين عاديين أو حتى بعض المسئولين.

لا أملك المعلومات الحاسمة، لكى أؤكد هل كانت مسرحية أم لا، لكن ومن خلال بعض المؤشرات، فأنا أميل إلى أن ما حدث كان حربًا وعدوانًا إسرائيليًا صارخًا بمشاركة أمريكية كاملة، حقق بعض الأهداف، وأخفق فى بعضها الآخر.

السؤال ما الأسباب والمؤشرات التى تجعلنى أستبعد وجود المسرحية؟

الإجابة أن ألف باء المسرحية تحتاج إلى طرفين متفقين يحصلان على مكاسب، ليس تكسيرًا لطرف على آخر.

ما رأيناه أن إسرائيل شنت عدوانًا سافرًا على إيران يوم ١٣ يونيو الجارى دمرت خلاله العديد من منظومات الدفاع الجوى الإيرانية.

فهل هناك مسرحية توافق خلالها إيران على تدمير جزء كبير من مخزونها الصاروخى ومنشآتها النووية وتقبل فيها اغتيال أهم قادتها العسكريين وأهم علماء برنامجها النووى؟!

والأخطر ما هو نوع هذه المسرحية التى تجعل إيران تقبل هذا النوع من المهانة القومية عبر الاختراق الاستخبارى الإسرائيلى غير المسبوق لكل المؤسسات السياسية والعسكرية والأمنية والمجتمعية.

السؤال الأخير: ما نوع هذه المسرحية التى تجعل إيران تخسر معظم ما بنته منذ ثورتها عام ١٩٧٩؟ هى أنفقت الكثير من المال والجهد ودخلت فى عداوات كثيرة مع معظم بلدان المنطقة وتمكنت من السيطرة الفعلية على القرار فى هذه الدول، مثل لبنان وسوريا والعراق واليمن وغزة. ونتيجة للتطورات منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ فإن إيران تكاد تكون الخاسر الأكبر. هى فقدت سوريا بالكامل، وبالتالى انقطع الحبل السرى إلى لبنان، وحزب الله تعرض لضربات عنيفة، والحشد الشعبى العراقى ضعف دوره تمامًا، والحوثيون فى اليمن تلقوا أخطر الضربات، أما غزة فلم تعد صالحة للحياة لسنوات، وتتمنى حركة حماس أن تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل ٧ أكتوبر.

بعد كل هذا: كيف يمكن أن نطلق على ما حدث أنه مسرحية.

ما الذى يجعل إيران تقبل المشاركة فى مسرحية تخسر فيه برنامجها النووى أو على الأقل يتم تعطيله لسنوات، وتخسر فيه أهم القوى والأذرع التى بنتها طوال السنوات الماضية، وما الذى يجعلها تشارك فى مسرحية تخسر فيها معظم منظوماتها للدفاع الجوى، بحيث تصول المقاتلات والمسيرات الإسرائيلية والأمريكية، كما تشاء فى سماواتها؟!

فى الناحية الأخرى فإن هذه المسرحية المتخيلة مكنت إسرائيل من التحول إلى القوة الأكبر، والأهم فى المنطقة، وصار رئيس وزرائها وكبار قادتها يتبجحون بأن يدهم قادرة أن تطال أى مكان فى الشرق الأوسط.

وبعد أن كانت إيران تأمل أن تكون القوة الإقليمية الأهم فى المنطقة، صارت إسرائيل تعلن بوضوح أن ستعيد بناء المنطقة على أسس جديدة. ونتذكر أن بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى كشف عن هذه المقولة ليلة الجمعة ٢٧ سبتمبر الماضى بعد دقائق من اغتيال حسن نصر الله زعيم حزب الله اللبنانى، وهو الشخصية الأهم فى المشروع الإيرانى بالمنطقة. اغتالته إسرائيل ومعه كبار قادة وكوادر الحزب. فهل كان كل ذلك مسرحية؟!

مرة أخرى ظنى أن قيام إيران بإبلاغ قطر بأنها سوف تقصف قاعدة العيدية فى الدوحة، وبالتالى إخلاؤها هو الجزء «المسرحى» الوحيد فى الموضوع، ومفهوم أنه موجه للرأى العام الإيرانى لحفظ ماء الوجه، والسبب ببساطة أن إيران لم تعد قادرة على استمرار المواجهة مع إسرائيل وأمريكا، وكانت تخشى أن يكون الهدف النهائى هو إسقاط نظامها وتفكيك دولتها، وبالتالى قبلت هذه النهاية المعقولة بعد أن صمدت بصورة واضحة وقصفت العمق الإسرائيلى.

الأحداث منذ ٧ أكتوبر لم تكن مسرحية إلا فى لحظات قليلة، من دون أن يؤثر ذلك على جوهر أن المشروع الإسرائيلى حقق نتائج سياسية مهمة على الأقل حتى الآن.

وختامًا لنفترض جدلًا أن ما حدث كان مسرحية، فالسؤال هنا: وما دور العرب فيها.. وهل كسبوا أم خسروا؟!

عماد الدين حسين  كاتب صحفي