ما هو أكثر شىء لفت نظرى فى بطولة العالم للأندية لكرة القدم، المقامة حاليا فى الولايات المتحدة، وشارك فيها النادى الأهلى باعتباره بطل أبطال إفريقيا السابق؟
بالطبع فإن الإجابة ليست الـ ١٢ مليون دولار التى ستنعش خزينة النادى من المشاركة، وبالطبع ليس المستوى الفنى للنادى الأهلى فقد كان مستواه متوسطا فى مباراة إنتر ميامى، وانتهت المباراة بالتعادل، وسيئا للغاية فى مباراة بالميراس البرازيلى وانتهت بهزيمته بهدفين ، ومستواه جيدا جدا فى مواجهة بورتو البرتغالى، وانتهت بالتعادل بأربعة أهداف.
لا أخفى أننى زملكاوى، لكنى أصنف نفسى من المعتدلين فى التشجيع، وهو أمر لم يكن موجودا حتى سنوات قليلة مضت، لكن النضج يجعلك تتغير، ولذلك صرت أشجع أى فريق مصرى يلعب ضد فرق أجنبية، وبعض أصدقائى الزملكاوية صاروا يشككون فى زملكاويتى ويعتبروننى منشقًا!!
المهم شجعت الأهلى من قلبى فى البطولة الأخيرة وكنت أتمنى أن يواصل مسيرته.
بالطبع وكما أكرر دائما، فلست ناقدا رياضيا متخصصا كى أحلل المستوى الفنى للأهلى أو لغيره، أنا مجرد مشاهد يشجع الزمالك محليا ويحزن كثيرا على تراجع مستواه الفنى والإدارى، ويفرح كثيرا لفوز ليفربول حبا فى محمد صلاح وكذلك الأمر لمانشستر سيتى بعد انضمام عمر مرموش أعود للسؤال الذى بدأت به وهو ما الذى لفت نظرى أكثر فى مشاركة الأهلى فى هذه البطولة؟!
ما لفت نظرى ونظر كثيرين هو الحشود الجماهيرية الكبيرة من المصريين المقيمين فى الولايات المتحدة ، والذين تدفقوا بعشرات الآلاف من عدد كبير من الولايات لحضور مباريات الأهلى الثلاث، وهى ظاهرة لفتت نظر منظمى البطولة وكل النقاد والمتابعين.
طبقا للإحصائيات فقد حضر 60,927 متفرجًا فى أول مباراة للأهلى و35,179 فى الثانية و39,893 متفرجًا فى المباراة الثالثة بمتوسط إجمالى نحو ٤٧ ألف مشجع فى كل مباراة.
المهندس إبراهيم المعلم وخلال حديث تليفونى معه لفت نظرى إلى مغزى هذا الحضور الجماهيرى الكبير بما يمثله من قوة ناعمة وكيفية الاستفادة منها للوطن بأكمله.
يتحدث كثيرون دائما عن أن الجيل الثالث للمصريين أو لغيرهم فى أى بلد من بلدان المهجر، يكونون تقريبا أكثر ابتعادا عن الوطن الأم، وأكثر اندماجا فى المهجر الجديد، بل إن كثيرا منهم ينسى لغة البلد الأم تماما.
المفاجأة الحقيقية هى أن غالبية الجماهير المصرية التى حضرت مباريات الأهلى كانت من الشباب صغار السن أى من هذا الجيل الثالث، وليس فقط من كبار السن الذين ولدوا وعاشوا لفترة من الزمن فى مصر، وبالتالى يبدو منطقيا أن يستمر تشجيعهم للأهلى ويحرصوا على حضور مبارياته، بل وجدوا فى ذلك فرصة كبيرة.
حينما يسافر هذا الجهور الكبير من ولايات بعيدة ويقطعون مئات الأميال، أو آلاف الأميال عبر الطائرات ليحضروا مباراة فى كرة القدم لفريق مصرى، فهذا أعلى مراحل الانتماء والولاء، ليس للنادى الأهلى فقط ولكن لمصر بأكملها، والدليل على ذلك أننى شاهدت بعض الحاضرين يرتدى فانلة الزمالك.
وعدد كبير من الحاضرين حرص على أن يحضر المباريات مرتديا فانلة الأهلى الحمراء، بل ويردد هتافات وشعارات باللهجة العامية المصرية.
إذن ما يردده البعض كثيرا عن أن ولاء الأجيال الجديدة فى المهجر لم يعد موجودا، ثبت أنه غير صحيح تماما، والدليل ما شاهدناه فى تدفق الجماهير لحضور مباريات الأهلى. وهو نفس الأمر الذى يتكرر مع مباريات غالبية الفرق المصرية سواء الأندية أو المنتخبات حينما تلعب فى الخارج، خصوصا فى الدول العربية، رغم أن المصريين فى هذه الدول ليسوا مهاجرين دائمين، بل سيعود معظمهم لبلده إن آجلا أو عاجلا.
السؤال: هذا الكنز من المصريين فى الخارج وفى الولايات المتحدة تحديدا، كيف نستفيد منه وكيف نعظمه لمصلحة بلدنا، خصوصا أنه قوة ناعمة كبيرة جدا؟!
لا نقول إننا سننافس اللوبى اليهودى شديد التأثير هناك، ولكن على الأقل علينا أن نفكر فى أساليب وطرق مختلفة نعظم بها من هذه الظاهرة المهمة والعظيمة، وهى هؤلاء المصريون بالخارج، فهم فعلا ثروة بشرية لا تقدر بثمن.