الكويت: تحريك المشهد.. لا تغيير جذريًا - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:55 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الكويت: تحريك المشهد.. لا تغيير جذريًا

نشر فى : الإثنين 28 نوفمبر 2016 - 11:15 م | آخر تحديث : الإثنين 28 نوفمبر 2016 - 11:15 م
نشرت صحيفة الحياة اللندنية مقالًا للكاتب «جورج سمعان» يقيم فيه الانتخابات الكويتية الأخيرة. بدأ سمعان مقاله بأن حركت انتخابات مجلس الأمة المشهد السياسى فى الكويت. لكن الصورة الجديدة للتركيبة النيابية لن تؤدى إلى تغيير جذرى. فعودة معظم أطياف المعارضة التى قاطعت الاستحقاق قبل ثلاث سنوات أشعلت الحملة الأخيرة. وحملت وعودا كثيرة. لكن السلطة السياسية ستظل تملك الأكثرية. إلا أنها قد لا تملك ما يبدد مخاوف بعض الحريصين على حسن التعاون بين السلطتين التنفيذية والاشتراعية.

لقد أثمر هذا التعاون فى السنوات الثلاث الماضية سلاسة فى إقرار جملة من القوانين الملحة. صحيح أن المعارضين، أو جُلَّهم، عادوا إلى كنف اللعبة الديمقراطية. لذلك بدا لمجموعة من المعنيين أن المرسوم الأميرى بحل المجلس القائم قبيل بضعة أشهر من انتهاء ولايته هدف إلى مفاجأة المعارضة لإعادة إنتاج مجلس يواصل مسيرة التعاون مع الحكومة.

المرسوم الأميرى كان واضحا فى تقديم الأسباب التى دفعت إلى هذه الخطوة. أعاد الأمر إلى التطورات الإقليمية وما تحمل من تحديات ومخاطر مصيرية. فى حين كانت الشئون الداخلية وراء مراسيم مماثلة لفك الاشتباك الذى كان يقوم بين السلطتين التنفيذية والاشتراعية وما كان يخلفه من تعطيل للعمل الحكومى والعمل السياسى والخدماتى عموما.

سقطت المقاطعة. وهذه خطوة أولى نحو مشاركة الجميع فى إدارة المرحلة المقبلة، داخليا وخارجيا. لكن الذين تابعوا الحملة الانتخابية فى الأيام الأخيرة، لاحظوا أن الأوضاع الإقليمية التى ساقها مرسوم حل مجلس الأمة لم تنل حظها فى النقاش والشعارات. كان السبق للشئون الداخلية. بل كانت هناك عودة إلى بعث المطالب التى أملت المقاطعة فى الاستحقاق السابق وما استجد فى السنوات الثلاث الماضية من قرارات وقوانين.
***
انتقل سمعان بعد ذلك ليؤكد على الدور النشط الذى قامت به وزارة الإعلام فى حشد كل الإمكانات لمتابعة الحملة الانتخابية، وحضور فرقها فى كل مكان، بشعار الحملة «صوتى لوطنى». لذا لا يخشى الكويتيون ــ وفقا له ــ من قدرة تجربتهم الديمقراطية على تصحيح نفسها بنفسها. فعودة المعارضين إلى قبة البرلمان يجب ألا تعنى بالضرورة أن تعود البلاد إلى الحلقة المفرغة من الصراع بين السلطتين فلا يجد الأمير مفرا من حل المجلس الجديد بعد فترة قصيرة من الزمن، فيترسخ الاعتقاد بانسداد الأفق فى النظام السياسى واستحالة التغييرات التى تتطلبها التطورات داخليا وخارجيا. لا يكفى أن يعترف الكويتيون بتعقيدات النسيج الداخلى، وعدم الخوف من وقع الصراع المذهبى فى الإقليم على هذا النسيج.

وعن التحديات يقول سمعان إن ثمة تحديين لا يجوز ــ حيالهما ــ ممارسة مقدار واسع من الشعبوية التى ميزت الحملة الانتخابية. فالحروب الدائرة فى المنطقة لم ترحم دولا أكبر من الكويت. وثمة مخاوف حقيقية من أن يؤدى تشتيت المجموعات «الجهادية» بعد الحرب على «داعش»، وتصعيد الصراع المذهبى إلى فتح ساحات جديدة للقتال. وهذه المرة قد لا تسلم دول الخليج التى عرفت حتى الآن كيف تبعد النار عن حدودها. كما أن هناك من يخشى أن يطاول «سايكس ــ بيكو» الجديد الخليج هذه المرة. والاستعداد لمواجهة النظام الدولى والإقليمى الجديد مهمة لا يجوز معها خوض معارك محلية ضيقة طمعا بمكاسب أو مواقع أو شعبية زائلة ومتحولة. وهنا يتساءل الكاتب هل سيكون المجلس المقبل على مستوى مرحلة ما بعد الحرب على «داعش»، وتصفية آثار عواصف «الربيع العربى»؟ ولا حاجة إلى تذكير أهل الخليج والكويتيين بالتغييرات الطارئة على العلاقات التاريخية مع الحليف الأمريكى التقليدى مع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

ويضيف تحدٍ كبير آخر على المستوى الاقتصادى لا يقل خطورة عما سلف. وهو أن لا أحد يتوقع الخروج من مرحلة الركود الحالية سريعا. المرحلة تشبه إلى حد ما حل بالكساد العالمى فى 1929، وهى قد تطول ما دامت أسبابها كثيرة. ولعلها فرصة ثمينة يجب ألا يفوّتها أهل الكويت، حيث شريحة الشباب هى الأكبر، بخلاف ما عليه حال القارة العجوز. لذلك لابد من تغييرات هيكلية فى البنى الاقتصادية. لن يبقى مجديا الاعتماد على النفط لفترة طويلة. لابد من وداع دولة الرعاية. يكون ذلك بإشراك القطاع الخاص والشباب، ومحاربة الفساد. فلا يظل شعارا من دون أن يكون هناك متهم واحد وراء القضبان.
يختتم سمعان المقال بأنه لابد من إجراء إصلاحات جذرية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وتعليميا. وهذا لن يتحقق إلا بمزيد من الشفافية وتوسيع هامش الحرية والحوار بين كل القوى الفاعلة فى هذا الصف أو ذاك. فيجب ألا يخاف الكويتيون من النقد والنقاش مهما علت الأصوات، وأيا كان جمع المعارضين تحت قبة البرلمان، يجب أن يخافوا من الفشل فى حماية بلدهم من الإرهاب وجرثومة المذهبية، ومن مواصلة التمسك بدولة الرعاية والرفاه، فهل يفعلون أم يكررون لعبة الذهاب إلى الانتخابات بين سنة وأخرى؟.

الحياة ــ لندن
جورج سمعان
التعليقات