حديث غير مبكر عن الانتخابات - سامح فوزي - بوابة الشروق
الأربعاء 30 أبريل 2025 1:15 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

حديث غير مبكر عن الانتخابات

نشر فى : الثلاثاء 29 أبريل 2025 - 7:30 م | آخر تحديث : الثلاثاء 29 أبريل 2025 - 7:30 م

على طاولة نقاش المنظمة المصرية لحقوق الإنسان تساءل الحضور عن المشاركة والانتخابات التى تطل برأسها فى ظل استعداد المنظمة للاحتفال بمرور أربعين عامًا على تأسيسها فى منتصف ثمانينيات القرن العشرين. مرت سنوات طويلة، ذكر عصام شيحة المحامى، ورئيس المنظمة، أسماء قيادات أسهمت فى بنائها، وتطورها، وإثراء ثقافة وممارسات حقوق الإنسان فى المجتمع، كثير منها رحل عن عالمنا، تاركا بصمته على منظمة أسهمت دون شك فى الدفع بحركة حقوق الإنسان للإمام، حتى وإن أصبحت قديمة مقارنة بمنظمات أخرى نشأت فى العقود الماضية.
بالتأكيد الحديث عن الانتخابات لم يعد مبكرًا، لا بمقياس الزمن، ولا مقياس السياسة، لأنه فى النصف الثانى من عام 2025، هناك انتخابات مجلسى الشيوخ والنواب، وقد خيمت أجواء الانتخابات على موائد إفطار وسحور شهر رمضان الماضى، علاقات ومداولات واستعراض، لا بأس. فهذه جميعا مقدمات الانتخابات. دار نقاش المشاركون حول الانتخابات، وكان من بينهم نجاد البرعى وأحمد راغب ومجدى حلمى ومحمد ممدوح وأمجد فتحى، وغيرهم أيضا من قيادات المنظمة المصرية، والحركة الحقوقية بصفة عامة، يعبرون عن أجيال مختلفة، ولكن لم يختلفوا كثيرا فى نظرتهم إلى الواقع.
قضايا كثيرة طرحت أبرزها العنوان الأكبر حرية ونزاهة الانتخابات، الحركة الحزبية، المرشحون، المال السياسى، وأخلاقيات التنافس الانتخابى ومما أعطى تفاؤلا أن كثيرا مما كانت تطالب به الحركات الحقوقية منذ منتصف التسعينيات تحقق، وإن كانت هناك مطالب أخرى لا تزال على الطريق. وفى رأيى، أنه لا يكفى فى المرحلة المقبلة الحديث عن الانتخابات فقط، ولكن ينبغى أن يمتد الحوار إلى القضية الأهم، وهو أى برلمان نريد، وماهية معايير جودة النائب، وجودة القانون، وقياس آثر التشريع، وكثير من القضايا التى باتت مهمة فى الحياة البرلمانية اليوم، لأنه بعد سنوات مرت منذ تجربة عامى 2011 و2013 وحتى الآن، بات من الضرورى أن نتساءل عن نوعية التمثيل النيابى دون الاكتفاء بالنظرة الكمية، فلا يكفى أن النظر إلى زيادة أعداد النساء، والأقباط، والشباب، وذوى الاحتياجات الخاصة، فهذا أمر مهم ولافت فى التجربة المصرية، ولكن من الضرورى أن نبحث عن جودة النائب من تلك الفئات، وغيرها، لأن المجتمع بات يعج بشخصيات مؤثرة فى مختلف المجالات، لكنها خارج المؤسسة البرلمانية، فى حين يفتقر بعض ممن هم داخل البرلمان إلى نفس التأثير. هذه ـــــ فى الأساس ــــ مسئولية الأحزاب السياسية، أن تبحث، وتفرز كوادر مؤهلة، لأن العالم بأسره بات ينشغل بالجودة، بالنوعية، أكثر من انشغاله بالكم، أو الاكتفاء بتمثيل مختلف قطاعات المجتمع. بالطبع، لم يكن غريبًا فى هذا السياق أن يثار الحديث عن الأحزاب، والتى أصبحت الاختلافات الأيديولوجية أو الفكرية بينها محدودة للغاية، وصارت برامجها، وتوجهاتها ومواقفها متشابهة إلى حد بعيد، مما يضع عليها عبء الاختيار النوعى الجيد للمرشح، والتوعية الكافية للناخب حتى يستطيع أن يختار فى ظل ثقافة سياسية جماهيرية تجعل دائما الطلب على عضو البرلمان الذى يقدم الخدمات، أكثر من عضو البرلمان المشرع أو الذى يحاسب الحكومة.
قضايا كثيرة فى الاجتماع التشاورى الذى عقدته المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، ولكن ما استخلصته من النقاش، الذى سوف يتحول إلى مؤتمر ذى محاور متعددة قريبًا، أنه من الضرورى فتح حوار حول مستقبل السياسة، وضخ أفكار جديدة للنقاش فى المجال العام، دون الاكتفاء بالانتخابات، لأن مرحلة ما بعد الانتخابات لا تقل أهمية، ومن الضرورى أن نفكر فى وجود مؤسسة برلمانية تتعامل مع تحديات المستقبل، خارجيا وداخليا، والأهم، أن تقدم تجربة ديمقراطية حقيقية.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات