الدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب قابلته مرتين خلال الأسبوع الماضى. المرة الأولى خلال افتتاح المركز الصحفى الجديد فى مجلس النواب صباح يوم الأربعاء الماضى، والمرة الثانية مساء أمس الأول الثلاثاء فى إفطار حزب المصريين الأحرار.
فى المرتين كان الرجل عاتبا على بعض ما كتبته أنا أو بعض الزملاء فى «الشروق». عتاب د. عبدالعال كان شديد الود والتهذيب.
قد تختلف أو تتفق مع د. على عبدالعال فى هذا الأمر أو ذاك، لكن إذا عرفته عن قرب، فلا تملك إلا أن تحبه، هو إنسان بسيط، وودود ومتواضع، ومقبل على الآخرين.
فى أول مرة قابلته بعد انتخابه رئيسا لمجلس الشعب بادرنى قائلا: بقى ده كلام. صعيدى ينتقد صعيدى؟! وكان يعلق على بعض ما قلته فى أحد البرامج التليفزيونية وقتها، من يومها صارت هناك علاقة ود ومحبة مع هذا الرجل.
لكن عندما تحدث د. عبدالعال من على منصة مجلس النواب مهددا بالتحقيق مع أى نائب ينتقد أو يتجاوز وإسكاته، لم أملك إلا أن أختلف معه مثل كثيرين، لأن ما فعله يومها لم يكن منطقيا ولا ينبغى أن يصدر من أستاذ قانون، وحسنا فعل أنه اعتذر بطريقة غير مباشرة عما قاله، الأمر الذى يزيده تقديرا من وجهة نظرى ولا يقلل من شأنه على الإطلاق.
قال لى الدكتور عبدالعال إنه خلافا لكل من تولوا رئاسة مجلس النواب من قبل، فإنه يرأس عمليا ٥٩٦ حزبا وليس عضوا، ولم يعد الأمر مثلما كان فى الماضى، شخص أو وزير أو عضو يدير الأمور بنظرة أو برمش العين، وبالتالى فإن مقارنته مع الآخرين تعتبر شديدة الظلم. فى تقديره أن البرلمان الحالى به نسبة تنوع واختلاف كبيرة، ولا يمكن توقع أى نتيجة تصويت على أى قانون وأفضل دليل على ذلك هو قانون الخدمة المدنية، وقبل أيام ما حدث من تصويت على بيان الحكومة وتصادف أن المجلس رفض إقرار «التوقيت الصيفى» كما أرادت الحكومة وأصرت قبل يومين.
قال لى الدكتور عبدالعال إنه يكن كل تقدير وإعزاز للصحافة والصحفيين، وانه يتحمل النقد بكل صوره مادام لا يتضمن تجريحا شخصيا.
مثلى مثل كثيرين فإن عندى عشرات الملاحظات على مجلس النواب من أول قوانين الانتخاب إلى الرشاوى والمال السياسى، نهاية بغياب الخبرة وربما انعدامها أحيانا بين غالبية الأعضاء، والصوت العالى لبعضهم. لكن للموضوعية فهناك ظواهر جيدة وهى وجود بعض النواب الفاهمين لطبيعة عملهم وأدائهم الراقى ومناقشتهم الموضوعية. هناك أيضا طبيعة الدكتور على عبدالعال. الرجل وكما قال لى كثيرون يعرفونه ليس ثأريا أو انتقاميا، شديد الطيبة مثل غالبية أبناء أسوان. علاقته طيبة مع غالبية النواب، المحسوبين على الحكومة أو المعارضين لها. شديد التواضع لدرجة أن كثيرين يقولون إن هذه الصفة تسمح للبعض بالتجاوز فى حقه.
نحن نحتاج فى هذه الأيام الصعبة إلى رجال كثيرين مثل الدكتور عبدالعال، الذى يبتسم مع الجميع ويتسامح ويتواصل، بدلا من العبوس والتجهم والقطيعة.
لكن أتمنى أيضا أن يحرص الدكتور على عبدالعال وغالبية النواب على أن يمارسوا دورهم باستقلال عن الحكومة فعلا لا قولا فقط. لا أطالبهم بمعارضتها، أو التصويت بالرفض على أى قرار تقدمه «عمال على بطال»، لكن أن يصل إحساس حقيقى لغالبية المصريين أن هناك فارقا ومسافة بين البرلمان والحكومة، وأن الأول يراقب الثانية فعلا ويحاسبها. لو حدث ذلك فإن هناك امكانية حقيقية لتحسين الصورة الذهنية عن البرلمان، بل و«إصلاح الكثير من الحال المايل فى هذا البلد».