لن يكون مثيرا أن نكتشف قريبا أن جريمة كبرى تمت خلال عملية الخصخصة التى نفذها نظام حسنى مبارك.
أى تحقيق به حد أدنى من النزاهة سوف يكتشف أن عملية بيع شركات القطاع العام شهدت تدليسا وخداعا.
السؤال الجوهرى هو: إذا ثبت أن عملية البيع تمت بالمخالفة للقانون فهل يستطيع الشعب ــ المالك الأصلى لها ــ أن يستردها من أصحابها؟.
يوم الخميس الماضى نشرت «المصرى اليوم» ان نيابة الأموال العامة بدأت الاستماع إلى أعضاء هيئة الرقابة الإدارية والأموال العامة فى وقائع الخصخصة ومن المقرر استدعاء 19 وزيرا ــ معظمهم محبوس ــ للاستماع إلى أقوالهم فى بيع 329 شركة بأسعار أقل من أسعارها، بل إن بعض هذه الشركات كان يحقق أرباحا وأخرى تعمد القائمون عليها تكبيدها خسائر وبعد بيعها تم تعيينهم فى الشركات الخاصة الجديدة.
هذه الحقائق ليست جديدة وصحف المعارضة خصوصا «العربى» و«الأهالى» نشرت وقائع وحقائق متنوعة عن هذا الملف منذ منتصف التسعينيات، لكن لم يكن أحد يكترث.. العمال وممثلو النقابات العمالية بح صوتهم وهم يناشدون مبارك وعاطف عبيد وبقية المسئولين أن يراعوا ضميرهم ويراعوا مستقبل الوطن قبل البيع، لكن لا حياة لمن تنادى.
الغالبية العظمى من المسئولين كانت تعلم أن هناك عملية سرقة فى وضح النهار تمت، وان سعر الأرض فقط لكثير من الشركات كان أعلى من السعر الذى بيعت به الشركة بأكملها.
سنفترض أن هذه الوقائع تم إثباتها للمحكمة، وسنفترض أيضا أن هذه المحكمة قضت بسجن المسئولين المتورطين. فهل هذا ما نريده؟! المؤكد لا.. فهؤلاء المتآمرون سيثبت إن آجلا أو عاجلا تورطهم وسيواجهون عواقب ما فعلوا، لكن ذلك ليس هو ما يشغلنا، ولن يشفى غليلنا أن يتم سجن مبارك أو عبيد أو كل من خرب اقتصاد الوطن.
السؤال الاهم هو: هل يمكن استعادة هذه الشركات إذا ثبت أن عملية البيع كانت غير قانونية؟!
قبل فترة كتبت فى هذا المكان عن ضرورة استعادة الأموال والشركات والأصول التى استولى عليها كبار المسئولين المحبوسين الآن.
اليوم نسأل السؤال نفسه لكن بشأن الشركات التى ذهبت إلى رجال أعمال أجانب ومحليين بطريقة قانونية.
لا أحد يستطيع أن يجادل فى رجل أعمال اشترى شركة قطاع عام بصورة قانونية ودفع فيها ما تستحقه من أموال، والتزم بالشروط التى تم الاتفاق عليها سواء فيما يتعلق بحقوق العمال أو طريقة الاستثمار. لكن نحن نتحدث عن عملية النهب المنظم التى تمت للاقتصاد المصرى طوال السنوات الماضية خصوصا تلك التى قادها عبيد.
مرة أخرى نحن مازلنا نتحدث عن عملية قانونية.. نحن ننتظر نتائج التحقيقات التى تجريها نيابة الأموال العامة، وكذلك لجان الخبراء التى شكلها د. على السلمى نائب رئيس الوزراء لفحص عقود الخصخصة.
لكن وفى كل الأحوال لن يؤمن الناس أن هناك ثورة حقيقية قد قامت دون أن تعيد لهم ما تم سرقته، لا توجد ثورة سياسية تتحدث عن الحريات من دون ثورة اجتماعية تعطى الناس البسطاء حقوقهم فى المأكل والمسكن. كيف يمكن لثورة ان تنجح فى حين أن اللصوص والمغامرين الذين سرقوا أموالا وأصولا وشركات وأراضى الشعب أحرار ينعمون بها دون حسيب.
ثورة 25 يناير سوف تؤكد شرعيتها عندما ننحاز اجتماعيا إلى غالبية الشعب.. ذلك فقط هو الذى سيؤكد لهم أن هناك شيئا جوهريا قد تغير بالفعل.