مرة أخرى كيف نحمى الجامعة ومنشآتها من الإرهابيين والمخربين، وفى الوقت نفسه لا نخسر بقية الطلاب العاديين والمنتمين إلى القوى السياسية المدنية، والمؤيدين منهم والمعارضين للحكومة الحالية وسياساتها؟ السؤال ليس ترفا نخبويا أو تحليقا فى الفضاء، ولا يصلح للرد عليه المسارعة باتهام صاحبه بأنه نخبوى أو «نحنوح» أو طابور خامس.
قبل أيام سألت نفس السؤال وهو: كيف ننتصر على الإرهابيين وفى الوقت نفسه لا نخسر بقية ابناء سيناء، وقبلها بأيام سألت سؤالا مماثلا عنوانه كيف نحمى الجامعات ولا نخسر كل الطلاب والشباب؟!
الجديد الآن هو الجريمة الإرهابية فى سيناء ضد جنود كمين الشيخ زويد وتزايد الجرائم الإرهابية الصغيرة فى أماكن كثيرة بمختلف المحافظات.
إذن، ما هو الحل وكيف نحل هذه المعضلة، أى حفظ الأمن وحفظ حرية التعبير؟!
فى كل يوم تقريبا يخرج علينا مسئول بالقول إن طلاب جماعة الإخوان لا يزيدون على 10٪ فى أفضل التقديرات فى كل الجامعات.
السؤال هو: هل يدفعنى سلوك عشرة فى المائة إلى خسارة بقية الـ90٪؟!
واقع الأمر أن التطبيق الخاطئ لقانون التظاهر لم يوقف الإخوان لكنه حارب كل التيارات السياسية فى الطريق.
كان مهما مواجهة طلاب الإخوان ومظاهراتهم العنيفة والمسلحة والخارجة عن القانون، لكن ما هو المبرر للقبض على طلاب أو متضاهرين سلميين؟!
قبل أيام قليلة وقف طالبان يساريان بلافتة تعارض الحكومة أمام جامعة عين شمس وعلى مسافة بعيدة من أى تجمع للإخوان، لكى يقولا بوضوح انهما ليسا إخوانا وانهما يعارضان الحكومة والجماعة معا، بعدها بدقائق تم القبض عليهما وتوجيه تهم كثيرة لهما.
قد يكون الطالبان خالفا القانون المثير للجدل.. والسؤال: هل نستمر فى تطبيقه ونخسر المنتمين لبقية القوى السياسية المدنية أم نبحث عن حل؟!
سيقول قائل: وهل هذا موعد مناسب لتعديل قانون التظاهر ودماء الجنود فى سيناء لم تجف بعد؟ نعم المواقيت والمواعيد مهمة فى عالم السياسة، لكن علينا ان ننظر للأمر بصورة شاملة.
بت أكثر اعتقادا بأن جماعة الإخوان تواصل التصعيد فى الجامعة وأنها صارت أكثر سعادة وفرحا باستمرار قانون التظاهر، وانها تشعر بالانتصار لأن الحكومة أصدرت قانون حماية المنشآت العامة بواسطة القوات المسلحة، لأن ذلك من جهة أخرى يضع الحكومة فى مأزق وورطة ويشوه صورتها فى الخارج أكثر مما هى مشوهة.
السؤال: هل فكرنا فى هذا الأمر؟!
أشعر بأن البعض سيجيب: «طظ فى الخارج والداخل، المهم ان نقضى على الأعداء والخصوم اعداء الوطن وليس مهما الثمن!».
الثمن مهم جدا وعلينا ان نفتش وننقب خلف كل طوبة وحجر عن تقليل الاحتقان على الأقل مع القوى المدنية التى لعبت الدور الأبرز فى جبهة 30 يونيو.
أرجو ان يلاحظ العقلاء فى أروقة الحكم ــ وما أكثرهم ــ ان هناك قوى مدنية كثيرة بدأت تكفر بـ30 يونيو فى حين ان الأكثر تأييدا لهذه الصيغة الحالية هم أسوأ ما تركهم نظام مبارك وليس أحسنهم وأفضلهم.
والسؤال الأخير: هل يرضى هؤلاء العقلاء بأن يخسروا القوى المدنية ويكسبوا فقط بقايا نظام مبارك؟!
علينا ان نجتهد تماما فى البحث عن صيغة تحفظ الأمن والاستقرار وتردع المخربين والإرهابيين وفى نفس الوقت تمنع انضمام المزيد من أعضاء 30 يونيو إلى معسكر جماعة الإخوان من دون ان يقصدوا. لماذا مثلا لا نعطى طلاب الجامعة كل الحرية ليتظاهروا بسلمية داخل الأسوار، شرط أن يتولوا هم التصدى لأى طالب مخرب أو إرهابى؟!