عالم ما بعد أمريكا: تراجع الهيمنة ونهاية أسطورة القطب الأوحد - العالم يفكر - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:28 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عالم ما بعد أمريكا: تراجع الهيمنة ونهاية أسطورة القطب الأوحد

نشر فى : الإثنين 31 يوليه 2017 - 8:45 م | آخر تحديث : الإثنين 31 يوليه 2017 - 8:45 م

نشرت صحيفة واشنطن بوست مقالا للكاتب «فريد زكريا» محرر إدارة الشئون الخارجية بالصحيفة، يتناول فيه التغيرات فى موازيين القوى العالمية، ونهاية عهد التفرد والهيمنة الأمريكية وصعود قوى أخرى تحل محلها، مشيرا إلى دور ترامب الأساسى فى تراجع الولايات المتحدة عالميا بفعل قراراته وخطاباته غير المدروسة والتى لا تليق أبدا بقائد دولة عظمى وأضرت بسمعتها ومكانتها، كما أصدر المحرر كتابا فى 2008 تحدث فيه عن التراجع الأمريكى فى الساحة الدولية، إلا أن الأمر قد حدث بنمط أسرع مما كان متوقعا بفضل «ترامب» وبصمته السلبية على مكانة الولايات المتحدة عالميا.
استهل الكاتب مقاله بالإشارة إلى رأى العديد من الأشخاص فى ترامب وتصرفاته؛ فوصف البعض تصرفاته بالمزيج من الغضب واللهو الذى ينتج عنه تصرفات جنونية لا يُتوقع أن تعبر عن الولايات المتحدة، وعبرت إحدى الأوروبيات المقيمات فى نيويورك منذ تسع سنوات أنها تفضل الرجوع إلى بلادها خوفا من التهديدات التى قد تتعرض لها إذا استمرت فى الولايات المتحدة فى ظل إدارة ترامب وما يحدثه من تغييرات فى القيم السائدة هناك.
ووضح الكاتب أن حملات المعارضة العالمية ضد هيمنة الولايات المتحدة قد بدأت قبل أن يأتى ترامب للحكم، إلا أنه قد ساهم بقوة فى تراجعها عن مكانتها وتشويه سمعتها بفعل تصرفاته وسياساته وتصريحاته غير المفهومة والتى تنم عن قائد فوضوى لا يستحق أن يكون قائدا لأكبر دولة فى العالم، وذكر الكاتب آراء المسئولين الأمريكيين فى إدارة ترامب للسياسة الخارجية الأمريكية: حيث وصفه «كارل روف» أحد الجمهوريين بأنه متسرع وذو أفق محدود فى التعامل مع القضايا مثل اطلاقه الاتهامات الغبية وغير المنصفة والمتسرعة ضد وزير «جيف سيسيونس» والتى تدل على افتقاره للحنكة السياسية، وأشار أيضا إلى رأى «كينيث ستار» المحقق الخاص للرئيس الأسبق كلينتون بأنه الرئيس الأفظع والأكثر تضليلا فى العقود الخمسة الأخيرة فى تاريخ الولايات المتحدة.
وثمة دليل آخر يسوقه الكاتب للدلالة على تراجع الولايات المتحدة عالميا، فقد كشف مسح أجراه مركز «بيو» للدراسات البحثية تراجع شعبية «ترامب» عالميا والثقة التى يتمتع بها فى المجتمع الدولى إلى 22% فقط مقارنة بشعبية «أوباما» فى أواخر عهده والتى وصلت إلى 64%، كما أشارت النتائج أيضا إلى صعود بعض القادة الدوليين فى إدارة الساحة العالمية مثل «شى جين بينج» الرئيس الصينى، وفلاديمير بوتين الرئيس الروسى، فكلاهما حصلوا على زيادة طفيفة فى نسبة التأييد والدعم لدورهم العالمى، فى حين حصلت المستشارة الألمانية «أنجيلا ميركل» على ضعف نسبة التأييد التى حصل عليها ترامب بما يشير ــ كما يرى الكاتب ــ إلى نجاح الإدارة الألمانية فى عهد «ميركل» فى الصعود التدريجى واستعادة مكانتها الدولية كفاعل رئيس فى السياسة العالمية مُنذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية ويشير أيضا إلى إخفاق إدارة «ترامب» فى الحفاظ على قوة المكانة الأمريكية وتأثيرها السلبى على صورة ومنزلة الولايات المتحدة فى الشأن العالمى، ويدل أيضا على نهاية عصر (القائد الأمريكى الذى يقود العالم أجمع ويسيطر عليه) وصعود الرموز الأخرى فى الساحة العالمية والتى أصبحت أكثر شعبية وأكثر فعالية وأجدر على الإمساك بزمام الأمور عالميا فى ظل الأفُول الأمريكى فى عهد ترامب.
وقد حاولت تلك الرموز استغلال الفراغات التى خلفها التراجع الأمريكى عالميا، حيث يسرد الكاتب عددا من الأمثلة للدلالة على صعود قوى أخرى فى الساحة الدولية كدول عظمى بما يعلن عن بدء عصر جديد بهيكل جديد للقوى الدولية منهيا الهيمنة والاعتماد والتبعية للولايات المتحدة.
***
على الصعيد الأوروبى، يرى الكاتب بأن تصرفات ترامب قد أسهمت فى إنجاح ما عجز «بوتين» عن تحقيقه فقد تحقق وحدة الصف الأوروبى فى مواجهة الولايات المتحدة فى محاولة منهم جميعا للاعتماد على الذات وتعميق التضامن فيما بينهم، وتحقيق الاستقلال عن الولايات المتحدة وعدم الاعتماد عليها بفعل اتخاذ إدارة ترامب تدابير وقائية ضد أوروبا!، لذلك قررت دول القارة تقوية أنفسهم للاستغناء تماما عن الولايات المتحدة وإثبات قوتهم كفاعل دولى من خلال تبنى كلا من «ميركل» والرئيس الفرنسى «إيمانويل ماكرون» سياسات نشطة فى كل القضايا العالمية، وعلى الصعيد الاقتصادى فإن الاتحاد الأوروبى يحقق نموا اقتصاديا أسرع مما تحققه الولايات المتحدة نفسها.
وهناك أيضا الصعود الصينى وحسن قراءة القيادة الصينية للساحة الدولية واستغلالها للتراجع الأمريكى ومحاولتها لملء الفراغات التى خلفتها الولايات المتحدة، فبموجب السياسة الخارجية الأمريكية لـ«ترامب» تمكنت الصين من لعب دور الفاعل الرئيسى فى مجال الاستثمار والتجارة الدولية، فمدت نفوذها ووجودها إلى دول أمريكا اللاتينية وأفريقيا ووسط آسيا، ووقعت العديد من الاتفاقات معهم وأسست العديد من الشركات والاستثمارات هناك، ونتيجة لذلك وفقا للدراسة التى اعدها مركز «بيو» للدراسات فسبعة من أصل عشر دول أوروبية ترى الصين بمثابة القوة الاقتصادية الأولى التى تسيطر على العالم وليس الولايات المتحدة.
***
يشير الكاتب أيضا إلى التراجع الأمريكى إقليميا بين دول الجوار ونهاية عصر التبعية لها والاعتماد عليها اقتصاديا وعسكريا ودوليا، حيث صرح وزير الخارجية الكندى بأنه لم يعد يرى أمريكا قادرة على القيام بدور القائد للنظام العالمى فيجب عليها التراجع وترك الفاعلين الدوليين ــ مثل كندا ــ يتعاملون بأنفسهم فى ظل نظام دولى قائم على حرية التجارة ودعم حقوق الإنسان.
وكذلك الحال فى أمريكا الجنوبية فقد تجنبت المكسيك توقيع أى اتفاقات للتعاون مع الحكومة الأمريكية فى ظل إدارة «ترامب» يحظى بنسبة تأييد وشعبية 5% من سكان المكسيك وهى الأقل بين الدول التى أجُرى فيها دراسة مركز «بيو».
ويختتم الكاتب مقالته بالإشارة إلى النقطة الأكثر إثارة للاستياء فى نتائج دراسة مركز «بيو» تتخطى تأييد وشعبية «ترامب» إلى ما هو أبعد، حيث تتعرض لهيبة وصورة ودور الولايات المتحدة ذاتها، حيث توصلت الدراسة إلى وجود 64% من الآراء الإيجابية بشأن الولايات المتحدة ومكانتها فى نهاية عهد «أوباما»، وتراجعت تلك النسبة إلى 49% حاليا، فلم يحدث وجود آراء سلبية مقللة من شأن ومكانة الولايات المتحدة حتى فى أوقات الأزمات التى مرت بها وحتى فى وقت العزلة وعدم تبنى سياسة خارجية نشطة كان الجميع يؤمن بقوتها ومكانتها فى الساحة الدولية فى أى زمان ومكان، على عكس ما يحدث حاليا!

النص الأصلى:

التعليقات