إعداد/ أيمن أبو العلا
قدم ديديه بيون المدير المساعد بمعهد الدراسات الدولية والاستراتيجية بباريس تحليلا للتطورات الجديدة على الساحة السورية يتضمن توقعاته بشأن قرب موعد التدخل العسكرى فى سوريا وآثار ذلك على المنطقة ككل. نشر التحليل بعنوان «ما هى تداعيات تدخل عسكرى وشيك فى سوريا؟» على الموقع الإلكترونى للمعهد.
يقول الباحث إننا وحتى هذه اللحظة لا نزال فى وضع سلبى يقتصر على بعض التصريحات المنددة باستخدام النظام السورى لأسلحة دمار شامل. ولكن تلك التصريحات القادمة من الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة تكتفى بالتنديد دون أى قول صريح باتخاذ قرار بالتدخل العسكرى فى سوريا. والحقيقة أن أى تدخل من هذا النوع سيواجهه العديد من العقبات لعل فى مقدمتها أن هذا التدخل سيكون دون تفويض من الأمم المتحدة. فالواقع يدل على وجود معارضة داخل مجلس الأمن ستمنع صدور أى قرار يجيز التدخل العسكرى فى سوريا، ومعنى ذلك أن هذا التدخل العسكرى سيكون مخالفا لقواعد القانون الدولى وضد المشروعية الدولية.
من جانب آخر نجد الرئيس الأمريكى الذى يعد قراره مفتاح أى تدخل بهذا الشكل، لا يزال مترددا.
يسبعد الباحث أن يكون التدخل العسكرى فى سوريا قريبا ويدلل على رأيه بأن واقعة استخدام السلاح الكيميائى تمت منذ أكثر من أسبوعين وهو يرى أن ما نشهده لا يعدو أن يكون أكثر من مجرد حالة من الإثارة الإعلامية والسياسية. هذا بالإضافة إلى أنه بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية فإن مثل هذا التدخل العسكرى خارج حدود البلاد، يستدعى موافقة الكونجرس الذى لم ينعقد حتى الآن.
●●●
لا يجب أن نغفل الصوت التركى الذى ارتفع مؤخرا ليعلن عن استعداد تركيا للمشاركة فى تحالف دولى ضد سوريا. نجد بيون هنا يقول إن التصرف التركى ليس غريبا أو غير متوقع، فهذه التصريحات سبقها تصاعد تدريجى للصراع بين النظامين السورى والتركى الذى ظهر منذ عامين. ليس هناك جدل حول حقيقة كون رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان يرغب فى التخلص من نظام الأسد الذى يعتبره كجار مشاغب يسبب الكثير من الإزعاج وعدم الاستقرار فى المنطقة.
وتعد القضية الكردية المقياس الأساسى للموقف التركى. فمنذ أكثر من أسبوعين اندلعت معارك عنيفة فى الشمال الشرقى لسوريا بين مجموعات كردية ومجموعات جهادية. وهو الأمر الذى يثبت أن المعارضة السورية مفككة للغاية، فلا يوجد لدى أطرافها آفاق أو طموحات مشتركة باستثناء هدف إسقاط نظام بشار الأسد. وهنا نجد أن المشكلة بالنسبة إلى تركيا هو حقيقة أن المكون الأساسى للأكراد فى سوريا يقترب كثيرا من حزب العمال الكردستانى، المنظمة التى تقود المقاتلين ضد الدولة التركية منذ 1984.
●●●
ولكن يجب أن نحذر من مغبة هذا التدخل العسكرى فى سوريا الذى سيعصف باستقرار المنطقة كلها. فلبنان المجاورة شهدت منذ ما يقرب من أسبوعين عددا من الهجمات العنيفة التى تذكرنا بالحرب الأهلية اللبنانية، تلك الهجمات التى غزت حالة الاستقطاب الموجودة حاليا بالبلاد. وهكذا نجد أن لبنان ليست محصنة سياسيا عما يحدث حولها، فهى مقسمة إلى كتلتين، الأولى تساند نظام بشار الأسد والثانية تساند المعارضة. ونتيجة لذلك نخلص إلى أن واحدة من النتائج شبه الفورية لمثل هذا التدخل العسكرى ستكون وقوع لبنان بدورها فى مستنقع الفوضى.
ليس لبنان فقط هى من ستصاب بالعدوى فهناك دولة قريبة جغرافيا وسياسيا من الأحداث فى سوريا لكن بعيدة عن التغطية الإعلامية، تلك الدولة هى الأردن. فلا شك أن الأردن ستسقط فى مستنقع الفوضى هى الأخرى إذا وقع التدخل العسكرى الغربى فى سوريا. ومن نفس المنطلق سنجد العراق التى وقعت بالفعل فى وضع مقلق للغاية، هذا الوضع الذى يمكن ترجمته فى الهجمات التى ازدادت وتيرتها فى الفترة الأخيرة. وهكذا إذا تم التدخل العسكرى فى سوريا ستتعقد الأمور أكثر وأكثر فى العراق.
إذن نستطيع أن نخلص إلى أن التدخل العسكرى فى سوريا ليس فقط لن يؤدى إلى حل الأزمة السورية وليس فقط سيزيد من تعقيد تلك الأزمة ولكن سيؤدى إلى سقوط المنطقة كلها فى مستنقع من الفوضى.