سألنى صديق عما أريده من الرئيس السيسى وهو يبدأ السنة الثانية من حكمه فقلت بلا تردد : مزيدا من الاهتمام بالمشروعات الصغيرة.
قبل شهر تقريبا، طالبت بالإسراع فى تشغيل المصانع المتوقفة منذ 25 يناير 2011، والتى يبلغ عددها بحسب رئيس اتحاد الصناعات 800 مصنع، كما طالبت بتوجيه اهتمام أكبر للمشروعات الصغيرة .. «لأنها دون غيرها يمكنها أن تشعرنا وبسرعة بأن ثمة تغييرا يجرى على الأرض، لأن زيادة الرقعة الزراعية، وتحسين البيئة التعليمية، ونشر المستشفيات والمراكز الصحية فى أقاليم مصر جميعها، وهى أمور مهمة قطعا، لن تؤتى ثمارها سريعا، ستحتاج إلى سنوات كى يلمس الناس آثارها إن بدأنا فيها بجدية من الآن، وهو أمر مختلف فى حالة الصناعة والمشروعات الصغيرة، التى يمكنها أن تضيف بسرعة إلى الناتج القومى من ناحية، وأن تستوعب مئات الألوف من العاطلين فتنعش سوق العمل وتخفّف مساحات الغضب بين الشباب من ناحية ثانية».
وأشدت بالخطوة التى اتخذها رئيس الحكومة حين توجّه فى اليوم التالى مباشرة لختام المؤتمر الاقتصادى إلى قنا، حيث أطلق من هناك مبادرة «مشروعك»، التى تستهدف تمويل مشروعات للشباب والمرأة المعيلة فى 78 قرية كمرحلة أولى، بهدف تنميتها وتحويلها إلى قرى نموذجية، وبحسب تصريحات محلب وقتها، فإن المشروع يعمل على توسيع دائرة الإقراض من 10 آلاف وحتى مليون جنيه لإقامة مشروعات صغيرة ومتوسطة، تحارب الفقر وتوفر أكثر من ربع مليون فرصة عمل سنويا، وسيتم تعميمها على قرى ومدن مصر ما إن يتم الانتهاء من المرحلة الأولى.
وقلت إننا ينبغى أن نتحرك فى دعم المشروعات الصغيرة وفق رؤية تسمح بالاستفادة من قدرات الشباب وتوفر لهم مصادر كريمة للدخل من ناحية، وتزيد من الناتج القومى ودخل البلاد من العملة الصعبة من ناحية ثانية.
نريد أن يكون مئات الشباب ملّاكا أو مساهمين فى مصانع لتدوير القمامة مثلا، نريد ورشا مجمّعة لإنتاج الجلود أو الملابس أو الأحذية أوالموبيليا أو لعب الأطفال أو قطع غيار السيارات أو تصنيع المنتجات الزراعية بأسعار منافسة داخل مصر وخارجها، وهو أمر لن يتحقق دون تخطيط وتنسيق حكومى، يذلل الصعاب ويوفر دراسات الجدوى الاقتصادية.
كان الرئيس صادقا معنا، فلم يعدنا بتغيير ملموس خلال السنة الأولى من حكمه، بل إنه حين سئل أثناء حملته الرئاسية عن المدى الزمنى الذى يمكن للمواطن أن يلمس خلاله تغيرا فى حياته قال عامين، لكن عمليات التسخين التى يمارسها المتربصون والمتأبطون شرا به وبالوطن، والتى تشكك فى كل إنجاز وتنفخ النار فى كل نقيصة، تستلزم تعديلا فى الأولويات يلمس الناس آثاره على الأرض.
أعرف ما يواجهه الرئيس السيسى، وهو يفوق ما واجهه كل من سبقوه من الحكام، فإذا كان عبدالناصر والسادات ومبارك واجهوا معارضة اختلفت رؤاها وتفاوتت حدتها بحسب طبيعة كل عصر وانحيازاته، فإنه للمرة الأولى تصبح الدولة المصرية ذاتها ــ لا نظامها السياسى ــ مهددة فى وجودها، تنهش جسدها المنهك قوى إقليمية ودولية لا تخفى مراميها، وعملاء محليون يتدثرون بعباءات إسلامية أحيانا، ويسارية ويمينية متطرفة فى أحيان أخرى.
أعرف أيضا أن الرئيس يراهن على الناس، على الكتلة الشعبية غير المؤدلجة التى لن تسمح أبدا بسقوط الدولة، فى مواجهة عمليات الابتزاز التى يمارسها ضده ــ وأرجوك أن تنتبه ــ نقيضان : رجال أعمال يتهمونه بالوقوف ضد مصالحهم، ويساريون يتهمونه بالانحياز للأغنياء، وبينهما إسلامجية وأدعياء وهتّيفة وأرزقية من هنا وهناك، ويدهشك أن الجميع يرفعون شعارات الثورة المستمرة!
أطالب الرئيس السيسى الذى أثق تماما فى إخلاصه ووطنيته، بمزيد من الانحياز لهذه الكتلة مع بداية السنة الثانية لحكمه، ولتكن المشروعات الصغيرة قاطرة نهضتنا المأمولة خلال الفترة المقبلة، إلى جانب توسعة القناة وإنشاءات الطرق وتنمية سيناء والطاقة والبنى التحتية وغيرها من المشروعات الكبرى.