الحياة أجمل بخصوصيتها - خولة مطر - بوابة الشروق
الإثنين 23 ديسمبر 2024 4:11 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الحياة أجمل بخصوصيتها

نشر فى : الأحد 2 أبريل 2023 - 8:45 م | آخر تحديث : الأحد 2 أبريل 2023 - 8:45 م

كم هى تفاصيل أيامك خاصة بك أنت وحدك وبعض من تحب أن يشاركوك إياها، وكم تزداد جمالا تلك اللحظات بخصوصيتها وحفظها كأمر يهمك أنت وحدك. وكم هو الفوز أجمل عندما يكون خاصا والصلاة والدعاء والحب أيضا يزداد بهاء عندما يبقى خاصا جدا، ما تأكل وتشرب من ما لذ وطاب من طعام ومذاقات مختلفة للقهوة والشاى هى خاصة بك أنت وما تقرأ هو الآخر لك أنت، حتى حولها البعض إلى شكل من أشكال الموضة أو التباهى.. نعم فى زمن التفاهة المعدية تصبح رواية مثل «قواعد العشق الأربعون» موضة أو «ترند»، وتتحول إلى موضوع باهت للحديث على جلسة شاى أو قهوة أو مائدة فخمة للعشاء.. العمل والرياضة هما أيضا أمور خاصة ولا تخص العامة أبدا وليست من اهتمامات الشأن العام حتى حولها مدمنو وسائل التواصل إلى «ترند» أو شأن يخص الجميع، فيما كثير مما يهم الجميع يبقى حبيس الغرف المغلقة والاجتماعات والجلسات الخاصة جدا حين يقرر البعض مصير الكل حتى فى أبسط أمور المعيشة مثل كيف تقسم الميزانية العامة للدولة أو ما هى الخطة للتخفيف من الغلاء وارتفاع الأسعار التى هى مرض عالمى، ولكن له مذاقات خاصة فى مدن وبلدات وقرى العرب حين يصطف البعض لطلب رغيف أو طبق من الأرز واللحمة أو حتى العظم وهذا شأن المحظوظين، أما الآخرون فصفيحة الزبالة القذرة هى «السوبر ماركت» لهم!
• • •

الحياة بها كثير من الجمال ولكنه يتحول إلى مسخ عندما يصبح حديثا للعامة وموضوعا للمنتديات المملة والجلسات التى تبحث عن موضوع أحيانا يكون مثيرا وكثيرا ما يكون شبيها بهذه المرحلة مليئا بالنميمة... كثيرون يتابعون الآخرين بحثا عن زلة أو خطأ أو أى أمر يتندرون فيه على الآخرين ويحولونه إلى موضوع ساخن و«مهم جدا».. الخصوصية لم تعد خيارا لكثيرين ربما ليس بإرادتهم ولكنها أيضا أصبحت السلك العام للبشر فى دولنا خاصة حيث الممنوعات تطول وتبقى المسموحات هى الأكل والشرب والسرقة والكلام فى الناس وعنهم فقط، دون أن يصل الموضوع إلى الشخصيات من علية القوم فهم «ممنوع ممنوع!»
• • •

الحياة أجمل بتفاصيل تخص شخصا تحبه أو قريبا منك، رجلا أو امرأة، صبيا أو مسنا، من دينك أو من لا دين، لونه أبيض أو أكحل كليلة تحرى هلال رمضان.. تشارك هذا فى تفصيلة وتقوم مع ذاك برحلة أو سفرة تتحدث مع صديق ثالث عن كتاب شدك ربما لأسلوبه أو لحبكة الرواية فيه أو حتى لصعوبته فى حالة الكتب المتخصصة سياسيا أو اقتصاديا أو فلسفيا.
• • •

الحياة إن توشوش لصديقة بين الجموع عن تفصيل من يومياتك تحبها هى فقط أن تسمعه أو تعتقد أنه سيكون مثيرا لها فيما تتجه الأخرى لتحدثها عن فضائح مسلسلات رمضان فى الأخطاء التاريخية والاستخفاف بعقول المشاهدين الصائمين التائبين عن النميمة أحيانا!
• • •

الحياة أجمل عندما لا تتحول إلى مشاع فتهمس لك تلك الزميلة التى قربتك منها الأيام رغم اختلافكما فى التفكير والقناعات ربما التقيتما فى الإنسانية وتقبل الآخر، تهمس لتقول أريد أن أشاركك فى أمر وأتمنى أن يبقى بيننا.. ربما تتفاجأ فى البدء فلست الأقرب لها ولكن فرحتك بالتفصيل المثير الذى شاركتك فيه أكبر من أى هدية فى زمن المجاملات الساذجة! تبعث بصورة خاصة جدا وجدتها فوق حطام مبنى فى بلدتها التى دكتها أيدى الأصدقاء والإخوة قبل الأعداء.. تمتلئ عينيك بالدمع لحميمية اللحظة والصورة والمشاركة ومن ثم خوف من انزلاقة لسان هنا أو هناك، فتعمل على استخدام خاصية المسح من تلك المساحة فى الذاكرة أو ركن الصورة من الذاكرة المكتظة بالمواقف والأحداث والخيبات أيضا.
• • •

الحياة فعلا أكثر جمالا بعيدا عن المشاع المنتشر فى وسائل التواصل وهى أجمل فى خصوصيتها وخاصة فى شهر من المفترض أن يكون مكرسا للعبادات والتأمل والهدوء والسكينة.

كاتبة بحرينية

خولة مطر  كاتبة صحفية من البحرين
التعليقات